أول قضية نستفيد منها في الحديث صفة العالم مع المتعلم: فالعالم له صفات:
أولها: أن يخلص بعلمه وعمله لوجه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، لا يريد رياء ولا سمعة؛ لأنه إذا لم يخلص فسوف يذهب عمله هباءً منثوراً.
ثانيها: أن يتحبب إلى طلابه، فإن سلطان الحب سلطان قوي، ولا يمكن أن يسيطر على القلوب إلا بالحب، فلا يستخدم العنف ما استطاع للحب سبيلاً.
ثالثها: ألا يهدر أعظم المصالح، كأن يكون في مثل هذه الجلسة نفر كثير يكلمهم ويردون عليه، ثم يأتي إنسان متأخر ويسأل سؤالاً، ومن أين له أن يسأل سؤالاً وقد قطع الفائدة عن الجميع؟! فالرسول صلى الله عليه وسلم لما كان يعلم الصحابة وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والأخيار، والشهداء، ورؤساء الناس يأتي هذا الأعرابي متأخراً فيقطع عليه الحديث، هل من الحكمة أن ينصرف صلى الله عليه وسلم ويقول له: ماذا تريد؟ وجواب سؤالك كيت وكيت، ويترك هؤلاء الذين معه من الصباح؟! فمن الحكمة: تقديم أهل الفضل في فضلهم ومعرفة أهل المنازل في منازلهم، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم كما رواه أبو داود وعلقه مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: قال صلى الله عليه وسلم: {أنزلوا الناس منازلهم} فمن إنزال الناس منازلهم أن تعرف لأهل الحق حقهم.
والقضية الثانية التي تستفيدها من هذا الحديث وقد تعرضنا لها:
تقديم أعظم المصالح: فلا يحق لك أن تترك النفر الكبير من أجل شخص واحد، وليس هذا الشخص مستفيداً معك، لكنه أتى متأخراً فحمل بعض النقص فتعطيه بنقصه.