سبب الجهاد في أفغانستان

أما سببه فهو: هجوم الشيوعيين والملاحدة الذين كفروا بالله عز وجل ومزقوا المصحف، وذبحوا أولياء الله، فاحتلوا أفغانستان، وظنوا أنهم سوف يبيدون خضراء هذا الشعب الذي فتح من عهد التابعين بسيوف قتيبة بن مسلم والأحنف بن قيس وأمثالهم رضوان الله عليهم، وقتل من الصحابة كثير في قندهار، فظنوا أنه سوف يذهب هباءً منثوراً، فماذا فعل الأفغان؟ هل استكانوا؟! هل ضعفوا؟! هل أغلقوا عليهم بيوتهم يبكون؟! ماذا فعلوا؟ إن الواحد منهم تقتل زوجته وثمانية أطفال له، ويهدم بيته ويخرج من بيته بلا شيء، فماذا فعل؟ هل وقف يبكي على أطفاله وزوجته؟ لقد أخذ السلاح وصعد إلى الجبل كالأسد وهو يقول:

نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا

أذكر أول ليلة طرق أسماعنا هذا الغزو وسمعنا خبره المفجع، وأذكر تلك الليلة أنني سمعت في إذاعة لندن هيئة الإذاعة البريطانية الخبر، قالوا: وقد توجه الكثير من الأفغان إلى سفارات الاتحاد السوفيتي في عواصم كثيرة يحرقون علمها ويحاصرونها وينشدون في الشوارع البيت المعهود المعروف:

نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبدا

قلبوا الأرض على المستعمر، وما هي الدولة التي واجهتهم؟ إنها دولة تملك من المساحة ثلث الكرة الأرضية، هذه الدولة في عنفوان شبابها، وعنفوان قوتها، يحكمها طاغية لا يعرف مصادرة القرار ولا الاستثناء، دولة لم تشعر أنها سوف تتفكك أبداً، فحركت قواتها، لقد أخبرنا المجاهدون أنهم كانوا يجدون القذائف مكتوب عليها تاريخ ذلك الأسبوع أي: أنها خرجت من المصنع، أي: أن المخازن انتهت، وصنعت هذه القذيفة في التو، وخرجت بالرقم في تاريخ ذلك الأسبوع من المصنع مباشرة ليُضرب بها المجاهدون، فماذا حدث؟ وصلت أنا هناك مع بعض الإخوة، فوجدنا كثيراً من جنبات الجبال احترقت، رأينا بعض الصخور محترقة من كثرة ما ألقت الطائرات اللهب، أحرقت الشجر والمزارع، وأصبحت لا تصلح للزراعة، أصبحت الأرض قنابل، والسماء قنابل، والبيوت مفجرة بأهلها، والمشوهون مئات الألوف، وأصبحت هذه القوة العظمى تعبث بالقيم، وتعبث بالناس، بعتو وبتهور لا يعلمه إلا لله.

تأتي مائتان من الطائرات في دفعة واحدة فتلقي حمولتها على قرية صغيرة، ويكفي هذه القرية عشر طائرات، لكن من البغض والحقد والحنق على الإسلام والمسلمين تدمر هذا التدمير، فماذا فعلوا؟

لقد استعان المسلمون بالله عز وجل، وما وهنوا وما استكانوا وما ضعفوا، بل زادهم هذا إصراراً وثباتاً وقوة، وأنتم تعلمون أن الشيخ/ يونس خالص أحد القادة الأفغان -وهو في السبعين من عمره وهو عالم من علماء الأحناف- دخل على أحد الرؤساء العالميين الكبار، فقال له ذلك: نفاوض في قضية الأفغان، قال: قبل القضية أدعوك إلى الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم رعيتك، وأتوا يساومونهم قالوا: على ماذا نساوم؟ أعلى لا إله إلا الله؟ لا مفاوضات، لا جلوس على مائدة مستديرة، ولا مربعة، ولا مثلثة، ولا مسدسة، إنما عندنا لغة النار.

فروا على نغم البازوك في غسقٍ فقهقهت بالكلاشنكوف نيران

يسعى فيعثر في سروال خيبته في أذنه من رصاص الحق خرصان

ماذا فعلوا؟ لقد تجمعوا في حشود هائلة، والذين حول كابل من المجاهدين الذين يحملون السلاح، ومتدربون من المجاهدين الأفعان ما يقارب (500.

000) غير الذين في المدن الأخرى، ولما سمعوا أن كابل تداعت كلهم اتجه في طريقه، وذهب في ليلة الفتح، يوم فتحت كابل أشعلوا سمائها بالنيران، حتى أصبحت كأنها نهار، كأن الشمس ما غابت، وأخبروا الشيوعي الذي فر أننا هنا، وأعلنت روسيا أمام العالم أنها تنسحب بعد أن قتل منها الألوف المؤلفة من أبنائها، وخسرت ذخيرتها ورغم أنفها أمام العالم، حتى قال بعض المراقبين: إن سبب انهيار الاتحاد السوفيتي هو الجهاد الأفغاني المسلح ضد هذه القوة الكافرة، ولما وصل رباني موسكو سمعت مراسلاً يراسل الشرق الأوسط يقول من هناك بالهاتف في الراديو: هذه القوة العظمى سحقت بسلاح المجاهدين، وقد تيقن هؤلاء أنهم لا يستطيعون لهؤلاء المجاهدين بالسلاح إلا بالمفاوضة السلمية، ثم قال البيت الشعري:

كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

وهذا الأمر مشهود، أما أسباب قيامهم بالجهاد فمنها:

السبب الأول: لقد احتلت أرضهم، ومزقت مبادئهم، وديست عقيدتهم، وهدمت مساجدهم، وألغيت صلاة الجمعة في كثير من المدن، وبقرت بطون الحوامل، وديس المصحف بأحذية الشيوعيين أبناء لينين هناك.

السبب الثاني: أن دين الله حوصر في الأرض.

السبب الثالث: أن الدماء تجري كالماء على وجه الأرض، أما المعاناة فلا أستطيع أن أخبركم؛ لأن الأمر مشهود، وأنتم أمة عشتم الجهاد بأموالكم وأنفسكم ودمائكم من أوله إلى آخره، فجزى الله من جاهد وبذل وأعطى خير الجزاء، وإنه واجب على المجاهدين أن يشكروا الله، ثم يشكرونكم على ما فعلتم، فقد فعل العرب المسلمون فعلاً جميلاً حتى إنهم يقولون: إن العربي إذا كان هناك أصبح في الكتيبة الأولى وتترس به، لأنا لا نقول عصبية ولا عاطفة ولا تميزاً، وإنما نقصد أن هؤلاء لهم موقف مشرف في الجهاد الأفغاني -أثابهم الله- ولا أعلم بلداً عربياً مسلماً إلا شارك بأبنائه مع المجاهدين في سبيل الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015