لماذا انتصروا؟
السبب الأول: أن الله نصرهم، هذا السبب الأعظم، وهناك أسباب أخرى، لكن السبب الأول وبيت القصيد أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى نصرهم {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران:160] وكتب سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينصرهم فنصرهم، وإلا من يعتقد أن دولة صغيرة عدد سكانها ما يقارب (20.
000.
000) وهي دولة فقيرة اقتصادياً، ودولة جغرافيتها من الصعبة الشائكة الجبلية، ومعداتها وأسلحتها بدائية، وهي من الدول النامية تصادم دولة عدد سكانها أكثر من (300.
000.
000) وهي إحدى الدولتين العظيميين في العالم، وقد بلغت في الأسلحة الذرية مبلغاً لم تبلغه دولة، ثم يقاومهم هؤلاء المجاهدون؛ لأن الله معهم.
السبب الثاني: شجاعة هذا الشعب، فليس الأفغان شعباً خانعاً، بل بالإجماع لا يُرى أشجع من الشعب الأفغاني، فهم إذا تمازحوا، تمازحوا بالرصاص، إذا مازح بعضهم بعضاً يترامون بالرصاص، وقَتْل الرجل عندهم كقتل الدجاجة، ترى المجاهد جالساً في الخيمة ويأتيه خبر أبنائه يقول: قتل أربعة أبناء لك، قال: الحمد لله! الله المستعان! إنا لله وإنا إليه راجعون! ثم يعبئ الكلاشنكوف ويخرج يقاتل في سبيل الله، تبتر ساقه فيحمل نفسه على الساق الأخرى ويقاتل بعضهم على خشبتين، وهو يأخذ المدفعية والبازوكة، ويلقي في سبيل الله عز وجل بالقذائف.
أي صبر؟! إلى أي حد يبلغ هذا الإنسان القوي الشجاع؟! إن طبيعتهم كذلك فقد رأينا جبالهم فإذا هي لا تصلح إلا لإخراج الأسود، لا تعيش فيها الأرانب أبداً، حتى أنه ذكر لنا -وقد ذكرت ذلك في ليالٍ في أفغانستان قبل ما يقارب سنة- أن شعب قندهار إحدى الشعوب الأفغانية هؤلاء من أشجع الناس، ولهم تميز خاص، ويرون أن الانبطاح وقت هطول القنابل عيب، لا ينبطحون، والتعاليم العسكرية تقتضي أنك إذا رأيت القنبلة تهوي، فعليك أن تضطجع على بطنك، فيرفضون، فترصعهم القنابل ويرصعون وهم وقوف، هذه من الأسباب.
السبب الثالث: أن عندهم همة لا تعرف الرجوع إلى الوراء، فقد قدمت لهم عروض سلمية، وتدخلت جهات، ورفضوا، فهي همة عالية، تنطح الثريا، وعزم نبوي يزعزع الجبال.
السبب الرابع: وقوف المسلمين في مشارق الأرض معهم بالمال والسلاح والأنفس، ونشكر المسلمين جميعاً على ما فعلوا أثابهم الله ثواباً عظيماً، فقد دفعوا الملايين المملينة والسلاح والأبناء، وما أعلم من مدينة من المدن إلا أصيبت بشهيد، أو شهيدين، أو أكثر في سبيل الله في أفغانستان.
السبب الخامس: أن الشعب كله مجاهد، فقد خرجوا بالقبائل يحملون السلاح، ويرون أن من العار ألا يوجد بيت لا يحمل السلاح، والبيت الذي لا يخرج مجاهداً، أو لم يقتل منه قتيل يشعر بذلة وبخيبة أمام المجاهدين.
حيوا الجهاد فذكره يشجيني وأخص حكمتيار قلب الدين
أسدٌ براثنه شباب محمدٍ قاد الكتائب وهو في العشرين
آماله ضرب الجماجم في الردى سماه مادحه صلاح الدين
شكراً لأستاذ المبادئ والنهى سياف رمز القائد المأمون
لا تنس أستاذ المبادئ والنهى سياف رمز القائد المأمون
وتذكر الأمجاد في ساح الوغى الشيخ يونس صاحب السبعين
لا تنس رباني فإن حديثه كالشهد أو كالتوت في تشرين