نقف عند قصة عمير بن الحمام، وقصة بني إسرائيل عند البقرة، صحابي لا يحفظ إلا عشر سور، أتى بدراً فكسر غمد السيف على ركبته، فقال عليه الصلاة والسلام: {يا أهل بدر! إن الله اطلع عليكم اطلاعة فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
يا أهل بدر! والله ما بينكم وبين الجنة إلا أن يقتلكم هؤلاء فتدخلون الجنة} فألقى عمير بن الحمام بتمر في يده وكسر غمد السيف على ركبته وقال: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى بخٍ بخٍ، وقاتل حتى قتل، أيهما أكثر تصديقاً؟ هذا هو الصنف الخالد الذين قدمهم عليه الصلاة والسلام.
{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:33] أبو بكر الصديق , يقول عليه الصلاة والسلام لقريش: {أسري بي البارحة إلى بيت المقدس فقالوا: كذبت.
وقال أبو بكر: صدقت، فقال: وعرج بي فقالوا: كذبت.
وقال أبو بكر: صدقت، قال: وفرض علي خمسون صلاة قالوا: كذبت.
وقال أبو بكر: صدقت، فأنزل الله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:33]} فـ أبو بكر هو الذي جاء بالصدق وأمثاله إلى قيام الساعة، وهناك طراز ومدرسة اسمها مدرسة أبي بكر الصديق، هذه المدرسة تحترم الوحي، ومدرسة أبي جهل وأصحاب البقرة مدرسة تهاجم الوحي، فلا تريد للوحي أن يستقيم في حياة الناس أن يتبع، أو أن يُسمع صوته، أو ينشر، أو يفهم أو يدرس، أو يربى الناس عليه، أو يدخل إلى البيوت، بل تقف هذه الفئة -فئة أبي جهل والوليد بن المغيرة وأصحاب البقرة- حجر عثرة في وجه أتباع موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ولابد من هذا قال الله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:31].