ذم لباس الشهرة

المسألة الثانية: ذم الشهرة.

في سنن ابن ماجة {أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن ذا الشهرتين} الشهرة الأولى هو: الذي يلبس الغالي المرتفع ويشهر نفسه حتى يلحق بالجبابرة، والشهرة الثانية: الذي يلبس الرخيص الممزق حتى يقال: هذا زاهد وناسك.

ولذلك بعض الناس لا يزهد إلا في الثياب، يجمع من الدور والعقار والسيارات والفلل، ويلبس ثوباً بعشرين ريالاً، والدنيا كلها ساكنة في قلبه، في قلبه أسواق ومحلات ومراكز وملبوسات ومطعومات، ولكن عليه ثوب بعشرين درهماً، وبعض الناس من أزهد الناس يلبس من أحسن اللباس، لكن الدنيا خرجت من قلبه.

فاللباس ليس هو كل شيء، فإذا رأيت ثياب الإنسان ممزقة فلا تظن أنه قد بلغ إلى رتبة ثابت البناني، أو الإمام أحمد بن حنبل، أو سفيان الثوري حتى ينظر إلى عمله وأخلاقه وسلوكه فمذمومٌ أن يلبس الإنسان الشهرتين، لكن الحديث عند ابن ماجة وفي سنده نظر وفيه ضعف.

وقد سبق أن الشهرة الأولى هو الذي يلبس لباساً فاخراً دائماً، فتجده يلبس لباساً يوصله بالجبابرة، ويسبل الثياب، ويتبختر في المشية، فهذا من الجبابرة المشهرين بهم في الدنيا والآخرة، وبعض الناس يتقمص شخصية الموت، وكأنه متصوف هندي من الهندوس يلبس ثوباً ممزقاً إلى الركبة، ثم عليه من الأوساخ والأوزار ما الله به عليم، ولو أنه أحسن في نفسه لغسل ثوبه، وتطيب؛ لأن الدين دين الطيب والإبداع والروعة، وهو دين الإيمان والحب والطموح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015