وقال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم في الصحيح: {أهل الجنة ثلاثة: سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال} والشاهد قوله: ذو سلطان مقسط موفق، أي المؤتمن العادل، الذي قام بالأمانة على وجهها، فهو من أهل الجنة، وفي بعض الآثار: [[عدل يوم خير من عبادة سبعين سنة]].
فكم يؤجر العبد الذي يوليه الله أمراً من أمور المسلمين، فَيحكِّم في الأمة الشريعة، ويقيم سيف العدالة، ويحرس طرق الناس ومدنهم، وانظر إلى آثار تطبيق الشريعة في بلادنا والحمد لله، ننام ونهدأ ولا طارق يطرقنا ولا سارق يسرقنا، ولا ناهب ينهبنا، ولا سالب يسلبنا، هذه آثار العدل، والله أقولها بجدارة من قلبي؛ لأنني رأيت أمم الغرب التي أعرضت عن منهج الله، وتطبيق كتاب الله، وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50] لما أعرضوا عن تحكيم الشريعة، عاشوا الرعب القلق والاضطراب، هنا سلب، وهناك نهب وقلق، وهنالك قتل وسفك للدماء، لكن لما حكم عندنا الشرع الشريف والكتاب والسنة؛ أصبحت الجزيرة العربية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً يسير السائر فيها لا يخاف إلا الله، يحمل المال والذهب وأهله معه ومحارمه في سيارته؛ لأن اللص والسفاك والمجرم يعرف أن هناك سيفاً مسلولاً بجانب المصحف إذا اعتدى:
السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179] حياة وأمن ورغد، تذهب إلى البنك وتأخذ مالك في حقيبتك في الشارع والناس يرونك، ولا يجرؤ أحد أن يتعدى بخطوة، لكن جرب هذا في نيويورك أو في لوس أنجلوس والله ما تجرؤ، وإن الليل هناك يتحول إلى العصابات والإجرام، وإنك تمسك يدك على قلبك من السفك والسلب والنهب:
دعها سماوية تمشي على قدر لا تفسدنها برأي منك منكوس
شريعة خالدة تجعل الإنسان في ظل الأمن يعيش الرخاء، يذهب بزوجته وبأخته وبفتاته إلى كل مكان، ويعلم المجرم أن وراءه سوطاً وسيفاً وسجناً، وأن وراءه كتاباً منزلاً وسنة مقروءة من محمد عليه الصلاة والسلام:
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركنا غير منهدم
لما دعا الله داعينا لدعوته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم