ولما انتصروا وعادوا إلى الله، ومكثوا على هذه التوبة والعودة ما يقارب مائة سنة، ثم نسوا ما ذكروا به، وعادوا إلى الغفلات والشهوات والمخالفات، فأدبهم الله تعالى بالصليبيين، الذين لا يعرفون الله طرفة عين، فاجتاحوا بلادهم، فأراد الله أن يوقظهم مرة ثانية، فأتى صلاح الدين الأيوبي الكردي، وهو ليس بعربي ولكنه من الأتراك، عرف الله وعرف طريقه إلى الله، فنادى بالجهاد، وأعلن التضحية؛ فاستثار المسلمون، واستنفر القلوب المؤمنة، ومضوا معه حتى دخل حطين وكانوا صياماً في ذلك اليوم، واستعرض جيشه وكان يقرأ عليهم سورة الأنفال، ودخل المعركة بلا إله إلا الله، فسحق أعداءه سحقاً ما سمع التاريخ بمثله:
الحمد لله زالت دولة الصلب وعز بالكرد دين المصطفى العربي
وارتفعت راية لا إله إلا الله، ودخل القدس وقد أحاطها ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع دخل بجيش يهللون ويكبرون، لا يغشون ولا يخونون ولا يكذبون ولا يزنون، لأن من أراد النصر فعليه أن يرعى وأن يتقي الرب الذي يأتي بالنصر، قال عمر لـ سعد رضي الله عنه وأرضاه: [[يا سعد! اعلم أني أخاف عليكم من المعاصي أخوف من أعدائكم]].