المسألة الحادية والعشرون: جواز التخلي عن الأهل والولد إذا كانوا مشغله.
فإن بعض الناس لا يستطيع أن يجمع بين الإيمان والعمل الصالح وكثرة الطاعات مع كثرة العيال، وهم المشغلة، فهؤلاء تخلوا عن الدنيا وجلسوا في المسجد، ولكن غيرهم ممن قام بشئون العيال والمال كـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي خير منهم وأفضل عند الله.
قيل للإمام أحمد: يا أبا عبد الله! لو تركت الزواج كان خيراً لك.
قال: ولم؟ قالوا: لأن إبراهيم بن أدهم ترك الزواج.
قال: أوه! يقول الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] أبمحمد نقتدي صلى الله عليه وسلم أو بـ إبراهيم بن أدهم؟ فلذلك كان فعله صلى الله عليه وسلم أجمل من كل فعل، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يتخلَّ بل جمع بين العمل الصالح وبين هذا.
وقال الإمام أحمد لما قيل له في الزواج والأهل والأطفال، قال: والله! لبكاء الطفل عند رأسي يطلب مني كسرة خبز خير من قيام ليلة.
لأنه يهديهم للإسلام ويربيهم، ومن أصلح جاريتين كن له حجاباً من النار.
فالأهل بركة ونور، وما يأتي من مشقة وهموم وغموم فهو تكفير للخطايا والذنوب، ورفعة في الدرجات، وثواب عند الله عز وجل، فليحتسب العبد ذلك عند الله.