تضحيات حبيب بن زيد

يوم أتى مسيلمة الكذاب، ورفع راية الإلحاد في أرض اليمامة فوصمه الله بوصمة الكذاب، فهو كذاب إلى يوم الدين، انتدب له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاباً ليبلغه دعوة الله؟ فكم كان عمره؟ حبيب بن زيد في الثانية والعشرين من عمره، قال صلى الله عليه وسلم للناس: {من يذهب إلى مسيلمة الكذاب وأستودعه الله الذي لا تضيع ودائعه؟ أي: أنه لن يعود في الحياة أبداً، معناها: القتل والإبادة، لأن ذلك لن يسلم رسول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، فقال حبيب بن زيد: أنا يا رسول الله! فمر بأمه -وكان أبوه ميتاً- فأخبرها بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما من أمر رسوله بد! فاذهب إلى سبيلك؛ فوالله إنك رضيعي ووحيدي الذي تموت نفسي قبل أن يموت} وودعته والدموع تسيل على خديها وذهب، فاستودعه الله من شهيد.

وصل إلى مسيلمة وقلبه يتوهج بلا إله إلا الله

ومن الذي باع الحياة رخيصة ورأى رضاك أعز شيء فاشترى

{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة:111] لا أحد.

فوصل ودخل سرادق مسيلمة، فقال مسيلمة: من أنت؟

قال: أنا رسول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.

قال: أتؤمن أنه رسول؟

قال: إي والله.

قال: أتؤمن أني رسول؟

قال: لا أسمع شيئاً، فأعاد عليه الكلام فأعاد عليه حبيب بن زيد الجواب، فأمر أحد جلاديه أن يتقدم إليه بالرمح فضربه بالرمح، فقطع منه قطعة في الأرض، فأعاد عليه الكلام، وقال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟

قال: إي والله، قال: أتشهد أني رسول الله؟

قال: لا أسمع شيئاً، فلما قال له هذا الكلام أمر جلاديه وجنوده أن يتقدموا من ذاك الشهيد، فتقدموا فهذبوه بالسيوف، فكان يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، ما زاده هذا الموقف إلا إيماناً وتسليماً، وثقة برسالة لا إله إلا الله، ثم قال: السلام عليك يا رسول الله!

اللهم أبلغ رسولك ماذا فعل بي الغداة.

وبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخذ يقول: {عليك السلام يا حبيب بن زيد! عليك السلام يا حبيب بن زيد، عليك السلام يا حبيب بن زيد}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015