حنة امرأة عمران، امرأة صالحة منيبة، عمران زوجها، كان من عباد بني إسرائيل، والعبد الصالح يرزقه الله على نيته وعلى اتجاهه، كانت حنة هذه عابدة تقرأ وتبكي كل صباح في حديقة بجنب بيتها في أرض فلسطين المحتلة -التي اغتصبها اليهود، وأخذوا دماءها، وشربوا دم أصحابها، الذين أخذوها غصباً من أيادي المسلمين، ولم تزَل وصمة عار في جبيننا، وعلينا العار والدمار والشنار حتى نستعيد فلسطين وبيت المقدس إلى أرض قومي.
أي شرف نتشرف به وفلسطين في يد رابين، وفي يد إسحاق شامير، وفي يد الملاعين أبناء القردة والخنازير.
أو ما كنتِ إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو من دَمِ؟!
كيف أغفيت على الذل ولم تنفضي عنك غبار التُّهَمِ؟!
رُبَّ (وا معتصماه) انطلقت ملء أفواه الصبايا اليُتَّمِ
لامَسَتْ أسماعهم لكنها لم تلامِس نخوة المعتصم
في فلسطين اليوم طفل يقول: واإسلاماه! وعجوز تقول: وا إسلاماه! وشيخ يقول: واإسلاماه! ومصحف يقول: وا إسلاماه! ومسجد يقول: وا إسلاماه! فأين بليون مسلم؟! فأتت حنة فرأت هذا الطائر معه ولد، فقالت: "يا رب ارزقني ولداً، والذرية مكسب عظيم، والعقم إفلاس؛ لكن أفضل الولد: العمل الصالح، فرزقها الله، فحملت بحمل فتمنت أن يكون ولداً، ونذرت لله إن أنجبت أن يكون خادماً لـ بيت المقدس، فأتت بـ مريم، أتت بأنثى {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:36] اسمع ما أحسن الكلام! {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران:37] أتت مريم وقالت أمها: ظننتُ أنه ولد، ونذرتُ أن يخدم المسجد؛ لكن أتت بنتٌ فقالت: وأنت أعلم"، فتقبَّلْها يا رب! فأصبحت خيراً من ألوف مؤلفة وملايين مُمَلْيَنَة من الرجال، وأصبحت خادمة للمسجد، وكفَّلها اللهُ زكريا، وأصبحت عابدة، يأتيها رزقها صباحاً ومساء كرامة من الله، وأتت بعيسى ابن مريم، الذي هو من أولي العزم، نؤمن به عليه السلام.