ثم وصيتي لأهل الحديث: أن يكون عندهم علوم الآلة، وهي ما تقوم به الدار والحمد لله، يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: بعض المحدثين لا يعرف من التاريخ شيئاً، ولا من الفقه شيئاً، وذكر من ذلك أمثلة.
لكنني أنا أعرف أن هذه الدار أصيلة، وعريقة، وتعتني بهذه العلوم، فإنه من النقص على طالب الحديث أن يجلس في مجلس فيقولون: أتعرف هارون الرشيد؟ فيقول: لا أدري، أسمع به، ولكن ها ها لا أدري.
ويسأل عن ولاية الحجاج هل هي ولاية راشدة أم أنه فاسق سفاك؟ فيقول: لا أدري، الحجاج، أظنه من الخلفاء الراشدين، ويسأل عن بعض الأحداث التي لا يعذر أحدٌ بجهلها فيقول: لا أدري، فلا بد له أن يكون له حدٌ أدنى من العلوم تعينه في هذا الطريق كما فعل السلف الصالح؛ حيث أنهم كانوا يطلبون العلم، ولكن كان لهم حدٌ أدنى، أو علمٌ مشترك من العلوم الأخرى يستضيئون به مع الحديث.
فأسأل الله يا أهل الحديث, أن يبصرني وإياكم، وأن يجعلنا وإياكم ممن يعمل بعلمه؛ فإن العمل بالعلم هو المقصود، ثم يجعلنا نوزع من هذا الميراث على الناس؛ فإن الناس والله بحاجة ماسة إلى علم الحديث.