ثم إن هناك ملاحظة عن أهمية إعطاء الأمور حجمها؛ لأنهم يقولون: وجد في بعض المحدثين من يعطي المسألة أكبر من حجمها؛ مسألة فرعية يقاطع المسلمين عليها، ويقول: لا ينبغي أن نسلم عليه، ونهجره، لأنه خالف الحديث والسنة، كمثل وضع اليدين على الصدر سنة من الرسول عليه الصلاة والسلام؛ وحديث وائل بن حجر صح فيها، وهي المعتمدة عند فقهاء المحدثين، وبعض الفقهاء أتى بحديث علي عند أبي داود وهو ضعيف قال: تحت السرة، فيأتي المحدث ويقول: من السنة وضع اليدين على الصدر، فيقول صاحبه وهو يحاوره: لا، تحت السرة، فيقول: أشهدك وأشهد الله وملائكته وحملة عرشه ألا أكلمك حتى أموت!
وقد وردني سؤال أن بعض الناس يقول ذلك، ويستدلون بكلام ابن عمر في صحيح مسلم أنه قال لابنه بلال: يقول صلى الله عليه وسلم: {لا تمنعوا إماءَ الله مساجد الله} قال ابنه: [[والله لنمنعهن, إذاً يتخذنه دغلاً، فقال: والله لا أكلمك حتى أموت]]؛ وفرق بين هذا وهذا: فإن ابنه عارض السنة بلا تأويل؛ يعني: جهاراً نهاراً رضي الله عنهم أجمعين، وأما ذاك فهو متأول.
يقول ابن تيمية في كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام: إن لأهل العلم أعذاراً يعذر بعضهم بعضاً فيها، ثم قال كلاماً ما معناه: إما أن يكون الحديث وصلك ولم يصل ذاك، وإما أن يكون منسوخاً عنده وهو ثابتٌ عندك، وإما أن يكون ضعيفاً عنده وهو صحيحٌ لديك، وإما أن يفهم منه فهماً وتفهم أنت فهماً آخر.
إذاً فمسائل الخلاف الفرعية لا توجب الفرقة بين العلماء، ولا بين طلبة العلم، مثل: الجهر ببسم الله، ومثل: وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر، ومثل: جلسة الاستراحة وما شابهها فهذه الأمور الجزئية لا توجب الفرقة عند أهل العلم.