وعلم السوق الإسلامي اليوم، وعلم الساحة هو علم الحديث، فقد مل الناس الآن من كتب الخزعبلات الفكريات الطويلة -ونحن لا نذم أحداً وفيها منفعة- وكتب الإنشائيات، والمقالات الموسعة، ورجعوا إلى علم الحديث.
العالم يتحدث في المجلس، فيقولون: ما هذا الحديث؟ من رواه؟ وما درجته؟ وما صحته؟ فالسوق سوق الحديث.
ثم إن العقيدة تؤخذ من الحديث، وأنا أقول وأنتم تعرفون ذلك أنَّا لو أخذنا علم العقيدة من الكتاب والسنة فهذا علم شريف والحمد لله كما فعل بعض الكتبة كفضيلة الشيخ محمد جميل زينو ورأيت كتابه وهو من أحسن ما كتب, أثابه الله على هذا الكتاب، ونريد أن يوسع من هذه المقالات؛ لتشمل كثيراً من القضايا التي اختلف فيها أهل السنة مع أهل البدع والفرق؛ ليكون كتاباً ضميمة، ويدر على الناس، فإن علم السلف وعلم الصحابة والقرون المفضلة كانوا يقولون: هل الرحمن مستو على العرش؟ قالوا: نعم، لقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] أما أهل البدع فإذا سألتهم عن المسألة هذه قالوا: العرض لا يستوي؛ لأن الجوهر ما تمَّ إثباته وإنما هو عرضٌ فكيف يستوي العرض؟! وهذا ممن قاله ابن سيناء , يقول ابن تيمية عن علم المنطق، قال: لا ينتفع به البليد، ولا يستفيد منه الذكي، وقال: هو كلحم جمل غثٍ على رأس جبل وعر؛ لا سهلٌ فيرتقى ولا سمينٌ فينتقل، فأغنانا الله من خزعبلاتهم، وشركياتهم، وعن خرافاتهم بالكتاب والسنة.
ولو أن هناك بعض المؤسسات العلمية الآن تدرس بعض الكتب التي فيها شيءٌ من المنطق وعلم الكلام، وهذا إن كان لضرورة ليوصل إلى فهمها فلا بأس، أما أن تجعل على أنها مناهج وأنها هي طريقة أهل السنة في إثبات المعتقد فليس بصحيح، بل هو الخطأ كل الخطأ، والخلل كل الخلل، نسأل الله لنا ولكم الثبات.
ويوجد في الساحة من يأتي بالمعتقد في شكل مسائل فكرية، ويقول: لا توجب خلاف بين الأمة، وهذا يلحق بأهل علم الكلام {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40].
إذاً، ربما يكون في الأسئلة بعض الإجابات، وأنا لا أريد أن أطيل عليكم، وأنتم من يأتي إليكم كمن يحمل التمر من صنعاء إلى هجر:
من زار بابك لم تبرح جوارحه تروي أحاديث ما أوليت من مننِ
فالعين عن قرة والكف عن صلةٍ والقلب عن جابرٍ والسمع عن حسنِ
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين, وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.