إن الولاء والبراء من عقيدة أهل السنة والجماعة، وإن حب الصالحين جعل محمداً عليه الصلاة والسلام يشتاق لـ بلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي.
إن هذا الدين أخرج صلاح الدين من الأكراد، ومحمد الفاتح من الأتراك، فجعلهم في سبيل الله.
إن التولي عن هذا الدين جعل أبا طالب وأبا لهب وأمية بن خلف في النار، وعقيدة الولاء والبراء وحب الصالحين وبغض المعرضين هي عقيدة كعقيدة الصيام والصلاة والزكاة.
والله يصف أولياءه فيقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71].
فحب الصالحين طريق إلى الجنة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول عن هذا الحب: {ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان} وللإيمان حلاوة وذوق، لا يذوقه أهل البارات والخمارات، ولا أهل القصور والدور، ولا أهل المناصب والبساتين، ولا أهل ناطحات السحاب إذا كانوا بلا إيمان.
فالإيمان له حلاوة يذوقها أولياء الله: {ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان -منها-: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله} لا للونه أو نسبه، ولا لمنصبه أو شهامته أو عصبه، ولكن لأنه مؤمن بالله العظيم.
ويقول سبحانه: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] والعداوة تظهر يوم القيامة، وفي أثر: {أن الله ينادي الناس يوم القيامة، فيقول: يا أيها الناس! إنني جعلت نسباً، أو جعلتم نسباً فوضعتم نسبي ورفعتم أنسابكم، قلت: إن أكرمكم عند الله أتقاكم، فقلتم: أكرمنا فلان بن فلان وفلان بن فلان، فاليوم أضع أنسابكم وأرفع نسبي، إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وقف حبيبنا صلى الله عليه وسلم على الصفا يعلن حقوق الإنسان، ويتكلم عن فضل الإنسان، وما ميزه الله به، وما هو أساس التمايز والتفاضل بين الناس، فيقول لبني هاشم -أسرة الريادة في العالم ولا يوجد أشرف من بني هاشم في الكرة الأرضية- قال: {يا بني هاشم! لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، من بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه} والمقصود هنا: أن من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان -وهذا هو أساس الدين-.
قال ابن عمر: [[والله الذي لا إله إلا هو، لو أنفقت أموالي غلقاً غلقاً في سبيل الله وصمت النهار لا أفطره، وقمت الليل لا أنامه، ثم لقيت الله لا أحب أهل الطاعة، ولا أبغض أهل المعصية، لخشيت أن يكبني الله على وجهي في النار]].