ما يلزم من حضر المحتضَر

السؤال الرابع: ماذا يلزم من حضر المحتضر، الذي حضرته الوفاة؟

صلى الله عليه وسلم يلزمه تلقينه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فكلمة التوحيد، لا إله إلا الله ندخل بها في الدين، ونختم بها حياتنا، وقامت من أجلها السماوات والأرض، ونزلت من أجلها الكتب، وأرسلت من أجلها الرسل، وأقيمت من أجلها النار والجنة، ونصب الصراط، ونزلت الصحف، ونصب الميزان، لا إله إلا الله وثيقة أتت بها الرسل عليهم الصلاة والسلام من لدن نوح إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وجرت من أجلها بدر وأحد وحطين والقادسية وعين جالوت ومعارك الإسلام، وهي فيصل بين أهل التوحيد وأهل الكفر وهي الميثاق الذي أخذه الله عز وجل بقوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف:172 - 173] فعليك إذا حضرت محتضراً أن تلقنه لا إله إلا الله.

إما شهيداً في المعركة، أو مريضاً، أو مصاباً بحادث، ورأيت أنه في الرمق الأخير، فالله الله أن تجري هذه اللفظة على لسانه، فإنها أعظم اللفظات، وأحسن الكلمات، وهي أكبر الحسنات.

قال أبو ذر للرسول صلى الله عليه وسلم: {يا رسول الله! لا إله إلا الله من الحسنات؟ قال: أعظم الحسنات} هل بعد لا إله إلا الله حسنة؟ هي أعظم الحسنات.

يقول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم وعند الأربعة: {لقنوا موتاكم لا إله إلا الله} من حديث أبي سعيد وأبي هريرة؛ ومعنى: لقنوه أي: قولوا له لا إله إلا الله، فإذا قالها فلا تعدها ولا تكررها عليه حتى يتكلم بكلام غير لا إله إلا الله؛ لأن هذا من الأدب.

ويذكر الذهبي في تذكرة الحفاظ قصة عن أبي زرعة الحافظ الكبير، وأبو زرعة هذا عملاق، مجرح ومعدل يقولون: كتب بيده ألف ألف حديث -مليون- حضرته الوفاة فأراد تلاميذه أن يلقنوه لا إله إلا الله لكن استحيوا منه، فهو عالم الدنيا، ومحدث المعمورة، فاستحوا أن يقولوا قل: لا إله إلا الله -ولا حياء في هذا- فأرادوا أن يذكروه بسند الحديث، وأغمي عليه، فأرادوا فقط أن يقولوا: حدثنا فلان لأنه يعرف بضاعته، فإذا قالوا حدثنا فلان قال: حدثنا فلان تذكر بـ السند المتن فقال: لا إله إلا الله، فتلعثموا لا يدرون من السند أهو شعبة أو الأعمش سليمان بن مهران، فاستفاق وسمعهم يتضاربون بالكلام بينهم في الحديث فقال: حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن فلان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لقنوا موتاكم لا إله إلا الله} وحدثنا فلان عن فلان عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} لا إله إلا الله محمداً رسول الله ثم مات.

وهذه من علامات حسن الختام والثبات قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27].

وهذا هو التلقين الذي على المسلم أن يلقن العبد به.

وأهل السنة يقولون: يدخل العبد في الإسلام بلا إله إلا الله.

ليس كما قال أهل الفلسفة وأهل المنطق بالنظر والاستدلال، بل قالوا: بلا إله إلا الله، وهي التي طلبها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.

فقال في الصحيحين: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، -وفي رواية- أو أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله} الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015