المؤمن يموت بعرق الجبين

السؤال الثالث: ما معنى {المؤمن يموت بعرق الجبين}؟ وهل عرق الجبين علامة عند أهل السنة أم لا؟

صلى الله عليه وسلم صح عنه عليه الصلاة والسلام عند ابن حبان والثلاثة؛ أبي داود والنسائي والترمذي أنه قال عليه الصلاة والسلام: {المؤمن يموت بعرق الجبين} فما معنى الحديث؟

قيل: أنه إذا حضرته سكرات الموت أصابه عرق، وأتاه رشح، وهذا معنىً موجه، وهو صحيح.

وقيل: أنه يموت كداً وكدحاً في العمل الصالح؛ وهي كناية عن اجتهاده في العمل الصالح، وعن بذله، وعن تقواه لله عزوجل حتى يلقاه الله عزوجل وقد بلغ من نفسه مبلغاً من العبادة، والمجاهدة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] على ذكر هذه الآية، فإن ابن أبي الحديد وهو معتزلي؛ شاعر عملاق، من أكبر شعراء المعتزلة، ذكره ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل، يقول في هذه الآية، لما أتته سكرات الموت قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] ثم قال أبياتاً، يخاطب الله، يقول:

وحقك لو أدخلتني النار قلت للـ ـذين بها قد كنت ممن أحبه

وأفنيت جسمي في علوم كثيرة وما منيتي إلا رضاه وقربه

أما قلتمُ من كان فينا مجاهداً سيكرم مثواه ويعذب شربه

وهي أبيات لطيفة، أعجبت ابن تيمية شيخ الإسلام، لكن من الذي يجاهد في الله؟ هو الذي يصدق مع الله عزوجل، ويفعل المأمور، ويجتنب المحذور، ويتبع الكتاب والسنة باختصار.

هذا معنى (المؤمن يموت بعرق الجبين).

وبعض العلماء يقولون: "من علامة المؤمن أنه قد يتبسم في سكرات الموت، ويعرق جبينه، وتأتيه مبشرات" وقد حدث هذا لـ ابن المبارك، فيما نقلوا عنه أنه تبسم، وقال: " {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات:61] " وقد ترى له رؤيا حسنة في الحياة الدنيا؛ والرؤيا من المبشرات يراها المؤمن، أو تُرى له كما قال عليه الصلاة والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015