ما هو النور؟ وما هي أقسام النور؟
النور على أقسام:
أول نور لك في الحياة الصلاة، ففي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم، قال: {الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء} الحديث، فأعظم نور لك في الحياة الدنيا الصلاة، فمن لم يتنور بالصلاة فلا نور الله عليه، ومن حُبس عن الصلاة فقد حبس عن النور، وإذا رأيت الإنسان يتهاون بالصلاة فاعلم أنه ليس عنده نور، ولا هداية، ولا إيمان، وأنه في ظلمة: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40].
والرسول عليه الصلاة والسلام صح عنه أنه يقول: {صلوا في بيوتكم، فإن الله جاعل لكم في بيوتكم من صلاتكم خيراً أو نوراً} فالصلاة في البيت نور، بشرط أن تكون النافلة، لا الفريضة إلا لعذر، فمن صلى الفريضة في البيت فقد أثم وأذنب إذا صلاها بلا عذر.
ومن النور القرآن؛ قال تعالى: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52] وقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة:15] فالقرآن نور، قال أهل العلم: ولا يكون القرآن نوراً للإنسان إلا بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه، فمن شك في القرآن، أو في شيء من القرآن لم يجعل الله له نوراً أبداً.
الشرط الثاني: أن ينزع الشهوات من قلبه، فلا يقرأ القرآن بظلمة وشهوة وفجور، فإنه لا يستفيد منه شيئاً أبداً.
الشرط الثالث: أن يلقي سمعه، وهو شهيد القلب؛ قال تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37] فإذا اكتمل هذا أثر القرآن في قلبه تأثيراً بيناً.
والذكر في حياتك نور، فإذا رأيت الإنسان يذكر الله كثيراً فاعلم أن عنده نوراً، ومن لم يذكر الله فليس له نور، والله وصف المنافقين الذين ذهب الله بنورهم بأنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، كلما ذكر الله النفاق -هذه قاعدة- ذكر الذكر، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] وفي آخر السورة يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون:9] ويقول سبحانه تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:142] وفي الصحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس حتى تميل ثم ينقر أربع ركعات لا يذكر الله فيها إلا قليلاً}.
فالمنافق يصلي ويحج، ويعتمر، لكنه مصاب بداء خطير، وهو على قسمين:
نفاق اعتقادي مخرج من الملة.
ونفاق عملي، وهذا فيه نظر، وهو أقل من ذاك خطورة.
فالنفاق المخرج من الملة هو نفاق من يعتقد كذب القرآن، أو كذب الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو منافق ملعون في الدرك الأسفل من النار، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم.
ومن النفاق الاعتقادي من استهزأ بشيء من كتاب الله، أو من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من عباد الله من أجل صلتهم بدين الله، فهو كافر؛ قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66].
أما النفاق العملي فهو على أضرب: {إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر} فهذا منافق نفاقاً عملياً وهو من المذنبين، ومن المتلبسين بصفات أهل النفاق، لكن لا يخرج من الملة.
فالذكر -يا أيها الأبرار- نور، فعن عبد الله بن بسر -كما في الترمذي بسند حسن- أن رجلاً قال: {يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله} {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} [الرعد:28] {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190 - 191].
والصدقة نور، وقد سماها صلى الله عليه وسلم ووصفها بقوله: {تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار} ويستظل بها العبد يوم القيامة: {كلٌ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس} كما صح في الحديث، وفي حديث ابن مسعود في البخاري: {وإذا تصدق أحدكم فإن الله يأخذ صدقته بيمينه، فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون كـ جبل أحد} وفي رواية: {ولا يقبل الله إلا طيباً}.