ثانياً: أخاطب في أولئك الغيرة، إن عندهم غيرة، إي والله! ابحث عن الغيرة، تجد الواحد منهم أسداً هصوراًً إذا سمع أن عرضه سوف ينتهك، إنه يغار على أمه، ويغار على أخته، ويغار على بنته، فاحيي في قلبه هذه الغيرة، غيرة سعد بن عبادة سيد الخزرج المضياف الكريم الذي كان يضيف المئات في الجلسة الواحدة، يقول وهو يسأل المصطفى عليه الصلاة والسلام: {يا رسول الله! لو وجد أحد منا رجلاً مع امرأته ماذا يفعل؟ قال عليه الصلاة والسلام: يذهب ويستشهد أربعة من المسلمين، قال: يا رسول الله! أتركه معها، وأذهب لأجمع أربعة؟! والله يا رسول الله! لأضربنه وإياها بالسيف غير مصفح} والأنصار إذا قالوا فعلوا، فهم الذين قاتلوا العرب من أجل مبادئ محمد صلى الله عليه وسلم، وقُتل منهم في المعارك ثمانون في المائة حتى يقول حسان:
لنا في كل يوم من معد قتالٌ أو سبابٌ أو هجاءُ
فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماءُ
فضحك عليه الصلاة والسلام، وقال: {تعجبون من غيرة سعد؟! والذي نفسي بيده إني أغير منه، وإن الله أغير مني} هؤلاء الشباب الذين على الأرصفة وفي الملعب وفي المقهى والمنتزهات، الواحد منهم يسلم روحَه رخيصة دون أمه وأخته وزوجته، فأنا أقول لهم: ومبادئ محمدٍ عليه الصلاة والسلام ألا تحتاج إلى غيرة؟! ألا تحتاج إلى دفاع عنها؟! ألا تحتاج حماساً؟!
من ينصر مبادئ محمد صلى الله عليه وسلم؟! أنتم جنده وأنتم كتيبته، فتعالوا هنا لتتعرفوا على سيرته، والله إني أعلم أنكم أشجع من حزب البعث ومن الأنظمة العلمانية في الساحة، ومن الماركسيين الشرقيين والغربيين، ولكنكم خدرتم بالأفلام والمجلات وبالميوعة والضياع، حتى أصبح الأسد كالسنور:
عجبت لدنيا تهضم الليثَ حقَّه وتفخرُ بالسنور ويحك يا مصر
سلام على الدنيا سلام على الورى إذا ارتفع السنور وانخفض النسر