أولاً: إن عندهم الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله، أنا أعلم أنهم لم يحضروا، وأنا أعلم أن بعضهم يصلي في بيته، وأنا أعلم أن كثيراً منهم يستمع إلى الأغاني الماجنات أكثر من سماعه إلى الآيات البينات، وأنا أعلم أن الكثير يطالع المجلات الخليعات أكثر مما يطالع الأحاديث النبويات الموروثة عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام، ولكن عندهم الفطرة، مكتوب في قلوبهم لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقد نزلت رءوسهم من بطون أمهاتهم إلى الأرض وهي تحمل مبدأ التوحيد: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف:172].
فأنا أخاطب الفطرة فيهم، وكثير من الناس يظن أن هؤلاء يعيشون بلا فطرة أو يعيشون بلا دين اذهب إليه وحرك الفطرة، اسقها بماء الهدى، وابعث فيها الأنوار، واجعلها تنمو وتنمو وتكبر وتكبر حتى تراه بجانبك في الصلاة وفي الدرس، وفي المحاضرة، لكنك أنت أخطأت، وأنا أخطأت، وهو أخطأ.
فأخطأت أنت لأنك لم تشارك في الذهاب إليه، ولم تبعث له بحبك، ولم تقف معه، ولم تبادله الأشواق والمودة، وأخطأت أنا لأنني ما خصصت جزءاً من دعواتي ومحاضراتي لأولئك، وأخطأ هو لأنه لم يلتمس النور، ولم يبحث عن الهداية، ولم يأت مرة ليجرب نفسه في مثل هذه المحاضرات والدروس، إنه جرب نفسه في المقهى، وجرب نفسه في المنتدى، وجرب نفسه على الرصيف، وجرب نفسه مع الكرة، وجرب نفسه مع الأغنية، لكنه ما جرب مرة واحدة طعم الهداية والنور:
أين من يدعي ظلاماً يا رفيق الليل أينا إن نور الله في قلبي وهذا ما أراه
قد مشينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا ورسول الله قاد الركب تحدوه خطاه
أين توجد معالمه عليه الصلاة والسلام؟ في المحراب.
أين توجد أنواره؟ في المحراب.
أين يوجد دستوره؟ في المحراب.
أين توجد مسيرته المباركة؟ في المحراب.
أين يوجد منهجه المستقيم؟ في المحراب.
اذهب إلى أولئك وتعال بهم إلى المحراب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} هذه هي المكاسب الغالية يا شباب الإسلام.