مما يدفع السحر: الرقى الشرعية

كذلك لا بأس بالرقى، قال صلى الله عليه وسلم: (من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) فالرقى والتعاويذ إذا سلمت من أمور، فأولها: ألا يكون فيها شرك ولا معصية، ودعاء غير الله أو الإقسام على الله بغير الله عز وجل، رأيت عند أحد إخواننا القراء بعض الحروز من الجلد وحروز من خرق، وغير ذلك فتحناها وقرأنا الأوراق، إذ بها يا عبدوس يا شيطون أقسمنا عليكم بحق عين سين قاف، بحق حاء ميم إلا أجبتم، افعلوا عاجلاً لا تتركوا هذا العبد المسكين فإنه في كربة، فهذا دعاء للشياطين وشرك بالله عز وجل.

فمثل هذه الرقى ومثل هذه التعاويذ لا تزيد إلا شركاً، فمن شرط الرقية أن تكون سالمة من الشرك ودعاء غير الله، وأن تكون بالعربية وما يفقه معناه، وألا يعتقد المرقي أو المسحور أو المبتلى أنها تؤثر بذاتها، وإنما التأثير بتقدير وتدبير الله، والله عز وجل قد جعلها سبباً مباركاً.

وأنفع الرقى ما كان بالقرآن الكريم، أنفع الرقى ما كان بكلام الله سبحانه وتعالى.

وبالمناسبة فإن أناساً تتقطع قلوبهم على فلان بن فلان يا ليت أنه يحصل من فلان ساعة يقرأ عليّ فأنا مبتلى، يا ليت من يذهب إلى فلان أو يعرف عند فلان واسطة كي يقرأ عليّ لأن ذاك راقٍ ممتاز، يا أخي الكريم! أنت ترقي نفسك، يوشك أن يعتقد بعض الناس أن فلاناً بيده أو عنده أو حوله أمر معين يجعله يؤثر بنفسه أو يستقل بالتأثير من دون تدبير الله عز وجل، من شدة اللغو في الأشخاص الذين يرقون.

يا أخي الكريم! لا بأس أن تذهب إلى راقٍ لكن لا بأس أيضاً أن ترقي نفسك، ولا بأس أن يرقي بعضنا بعضاً، فليس من شرط الرقية أن يكون الإنسان سالماً من كل ذنب، فقد يبتلى الإنسان بمصيبة من المصائب، فلنفرض أنه مدخن والباكت في جيبه، فلنفرض أن إنساناً عنده معصية من المعاصي، يقول: لا، أنا ما يمكن ينفع الله عز وجل برقيته، لا يا أخي! ترقي ابنتك وترقي ولدك وتقرأ على أولادك، ولا تقول: لا والله أنا عندي ذنب أو عندي معصية أو مرتكب فأنا لا يمكن أن أرقي أو أستعمل هذه السبل الشرعية في دفع البلاء ومعالجة هذا السقم؛ لأن هذه الرقى هي دعاء والدعاء من كل عبد كان عاصياً أو مطيعاً، من كل عبدٍ كان مقتصداً أو كان سابقاً بالخيرات، أو مفرطاً يدعو الله عز وجل ويلجأ إلى الله والله سبحانه وتعالى يكفيه.

الشاهد ألا نغلو وألا نغالي في بعض الأشخاص الذين يقرءون ونظن أنه لا يمكن أن يشفي إلا رقية فلان وقراءة فلان، لا بأس قد ينفع الله بقراءة ورقية فلان لصلاحه وتقواه ودينه، وقبل ذلك بإرادة الله الشفاء، ولكن لا نعتقد أن الإنسان إن لم يجد من يرقيه أو يقرأ عليه فإنه لا يمكن أن يستفيد من الرقى، بل أنت ترقي زوجتك وترقي بنتك وترقي أولادك وترقي نفسك، حتى لو كان عندك من الذنوب والمعاصي.

فمن ادعى أن الرقية لا يفعلها إلا من هو كامل فقد أبطل كل رقيه إلا من قليل ممن رحم الله، ولا شك أن الصلاح له نفع بإذن الله سبحانه وتعالى، ولا بد للمريض أن يتيقن أن كلام الله نافع ومؤثر حتى يستفيد لأن من الناس من يقول لماذا؟ نجرب إن نفعت وإلا ما ضرت هذه الرقية، أو ما نفع هذه القراءة من القرآن، لا، إذا كنت تقول نجرب القرآن، إن نفع وإلا ما ضر فاعلم أنك لن تستفيد، لا تستفيد إلا إذا تيقنت تمام اليقين بكمال الاعتقاد أن القرآن شفاء وأنه مؤثر ونافع بإذن الله، كما يقول الله عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} [الإسراء:82].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015