كذلك من الأسباب التي توقع الإنسان أي يكون عرضة لما يراد به من السحر وبضدها تكون حرزاً وحصناً من الوقوع فيه، أو الابتلاء به الصلاة مع الجماعة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) رواه الإمام أحمد وأبو داود.
فالذي لا يحرص على الصلاة مع الجماعة، ويتهاون بالجماعة، وينقر صلاته في بيته وحده، فذلك عرضة إذا دبر له مكيدة سحر أن يقع.
فيا إخوان! كيد السحرة كثير ومنتشر في هذا الزمان، لكن الكثير من الذين يحافظون على صلاة الفجر ما يؤثر فيهم السحر، الذين يحافظون على الصلوات مع الجماعة ما يؤثر فيهم السحر، الذين يحافظون على الأذكار ما يؤثر فيهم السحر، لا تظنوا أن قلة أو ندرة المصابين بالسحر دليل على أنه أمر نادر جداً! لا، إن كيد السحرة كثير لكن الله عز وجل يدفع كيدهم بالأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من الأذكار وأداء الصلوات مع الجماعة، فالحديث الذي بين أنه ما من ثلاثة في بدو أو حضر أو قرية لا يؤدون الصلاة جماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان ماذا تريد من إنسان يصلي وحده، ينقر صلاته نقر الغراب، من الساهين عن الصلاة، يصلي الظهر في آخر وقتها أو في دخول وقت العصر، يصلي المغرب في وقت العشاء وهلم جرا، ما تريد من رجل استحوذ عليه الشيطان وقد دبر له مكيدة سحر، كيف تريد له أن يسلم من ذلك؟! يقول صلى الله عليه وسلم: (قل: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء) في معرض خطاب النبي لأحد الصحابة يقول له: (اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء).
أما إذا ابتلي الإنسان بسحر فعليه أن يعتني بصدق اللجوء إلى الله عز وجل وشدة الاضطرار، والفزع إلى الله، والثقة بأن الله تعالى هو الذي قدر الأمور، وهو يكشف أنواع البلاء، ولا يدفع الضراء إلا هو، ولا يجلب السراء إلا هو عز وجل، فمن ابتلي بالسحر عليه أن يجرد التوحيد واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، وليعلم أن مسبب الأسباب هو الله عز وجل، وما هذه إلا بمنزلة حركات الرياح بيد محركها وفاطرها وبارائها لا تضر ولا تنفع إلا بإذنه سبحانه وتعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس:107].
وقال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) رواه الإمام أحمد والترمذي.
لنعلم من هذا أن من أوائل ما يفزع إليه الإنسان حينما يبتلى بالسحر أن يفزع إلى الله وأن يحقق التوكل واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى.