الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ في الدين بدعة، وكل بدعةٍ في دين الله ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.
أيها الأحبة! أنتم اليوم في يوم الجمعة، هو آخر يومٍ في الأسبوع وهو آخر يومٍ في عامنا هذا، نحن في اليوم الثلاثين من الشهر الثاني عشر لعام (1419هـ) نودع هذا العام، في ذكر هذه المصيبة، وفي ذكر هذه الكارثة، فهل نودعه بتوبة، وهل نودعه بصدقة، وهل نودعه بنجدة، وهل نودعه ببذلٍ وعطاء، ودعاءٍ بسخاء للمسلمين في كوسوفا؟! أيها الأحبة! تداركوا سويعات بقيت من يومكم هذا، وألحوا على الله في ساعة الإجابة في آخر هذا اليوم، أن ينصر الله إخوانكم في كوسوفا، وأن يجعل لهم من كربتهم وضيقهم فرجاً ومخرجاً، وأن يحيل شتاتهم دولة، وأن يجعل تفرقهم تجمعاً، وأن يجعل الدائرة على أعدائهم: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان:77] {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186].
ألحوا على الله يا عباد الله! ألحوا على الله يا عباد الله! ألحوا على الله يا عباد الله، فإنها قاصمةٌ ليس لها من دون الله كاشفة، إن هذه المصيبة ثقتنا بأن الدعاء يرفعها وما نبذله إنما هو سبب، إن أمماً ودولاً قد أنفقت لأجل هذه المصيبة، لأجل أن تحيق بالمسلمين هذه الدائرة، وإن فتات الجيوب وإن فتات القوت والموائد قد لا يرفع ذلك إلا بسببٍ مباركٍ يرفعه ويقبله، وهو العمل الصالح والدعاء والعبادة، فألحوا على الله يا عباد الله، واجتهدوا وألحوا على ربكم أن ينصر المسلمين في كل مكان، وأن ينصرهم في كوسوفا خاصة، وكما قلنا في الجمعة الماضية، ستجدون على الأبواب من يجمع اليوم ما تجود به أنفسكم، ومن جاء بتبرعٍ ولو في أي يومٍ من أيام الأسبوع فليسلمه إلى مؤذن وإمام هذا المسجد جزاه الله خيراً.
وليتحقق من أن ما يضعه هو في يد المؤذن ذاته، وهنا نداء نداءٌ إلى كل شاب، وإلى كل امرأة، وإلى كل فتىً وفتاة، وإلى كل ثريٍ وتاجر، وإلى كل غني أن يقدموا ما يستطيعونه، وألا يترددوا في أن يبذلوا ما يستطيعونه ويجدونه، من بذلٍ وعطاءٍ وفكرٍ ورأيٍ واقتراح، ومن أراد أن يتصل بمكتب رابطة العالم الإسلامي في الرياض، فليتصل بها، فإنها الهيئة المكلفة من قبل ولاة الأمر بأمرٍ سامٍ لتتولى الوقوف مع المسلمين في هذه الكارثة.
نسأل الله أن يجعل ما يبذله ولاة أمرنا لإخواننا هناك سبباً في دفع البلاء عنا وعنهم، وسبباً في استقرار الأمن في أرضنا، ونسأله سبحانه ألا يكلنا إلى أنفسنا، ونسأله سبحانه أن يرفع البلاء عنا وعنهم، وألا يجعل ما نحن فيه من نعمٍ استدراجاً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أرادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء، اللهم إنا نسألك بمنك وأسمائك وصفاتك أن تُحسن خاتمتنا، وأن تجعل ميتتنا على أحسن حالٍ ترضيك، وأن تجعل خير أيامنا يوم لقاك، وأن تثبتنا على طاعتك وعلى مرضاتك يا حي يا قويم.
اللهم انصر من نصر إخواننا المسلمين يا رب العالمين، اللهم انصر المسلمين في كوسوفا، اللهم انصر المسلمين في كوسوفا، اللهم انصر المسلمين في كوسوفا، اللهم ارحم أيامامم وثكالاهم وأطفالهم وشيوخهم وعجائزهم، اللهم إنهم جياعٌ فأطعمهم، وظمأى فاسقهم، وعراةٌ فاكسهم، ومشردون فآوهم، اللهم تلطف بهم يا رب العالمين، واجعل الدائرة والبطش على أعدائهم، يا من لا يعجزه شيء، يا ودود، يا ودود، يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما تريد.
نسألك اللهم أن تنزل بهم شديد بأسك وعظيم سخطك، اللهم أنزل شديد بأسك، وعظيم سخطك على اليهود والصرب ومن أعانهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم إنا نشكو إليك، اللهم إنا نشكو إليك، ضعف المسلمين أمام هذا الأمر، اللهم فلا ناصر ولا معين إلا أنت، أنت حسبنا ونعم الوكيل: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ} [آل عمران:173 - 174].
اللهم إنا نسألك بمنك وكرمك أن تنصرهم نصراً مؤزراً عاجلاً غير آجل، وأن تجعل ما أصابهم سبباً في عودةٍ صادقة إلى التمسك بالكتاب والسنة، وليعرفوا حقيقة دينهم الذي عاداهم لأجله، وتكالب عليهم لأجله دول الشرق والغرب من الروس ومن الصرب ومن أعانهم، اللهم عجل نصرهم، وأقم دولتهم وأرنا في اليهود وفي الصرب عاجل بطشك يا حي يا قيوم، يا جبار السماوات والأرض.
اللهم صلِّ وسلم على محمد، اللهم صلِّ وسلم على محمد، اللهم صلِّ وسلم على محمد، اللهم صلّ وسلم على نبيك محمدٍ صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارضَ اللهم عن بقية العشرة وآل الشجرة، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك، يا أرحم الراحمين.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.