ثم قال: [ويباح الطلاق والخلع بسؤالها زمن البدعة].
إذا سألت المرأة زوجها الطلاق وكانت حائضاً أو كانت طاهراً قد جامعها في هذا الطهر، فهل يجيبها إلى ذلك؟ قال المؤلف: له أن يجيبها، وذلك لأن النهي عن طلاقها حال حيضها إنما هو لحقها، وقد رضيت بإسقاطه عندما سألته الطلاق حال الحيض.
وعلى ذلك فهل النهي عن طلاق الحائض لحق المرأة أو لحق الله؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لحق المرأة، ولذا فإن المرأة إذا سألت زوجها الطلاق حال حيضها أو حال طهرها طهراً قد جومعت فيه، فإنه يجيبها إلى ذلك ولا حرج عليه؛ لأنها هي التي سألته فأسقطت حقها بسؤالها.
والقول الثاني في المسألة وهو قول في المذهب: أن النهي عن ذلك حق لله جل وعلا، وعلى ذلك فلا تملك المرأة إسقاطه، فإذا سألته وهي حائض لم يجبها، وهذا أظهر، وهنا هل العلة من النهي أن طلاق الحائض هو التيسير عليها لئلا تطول عدتها فقط أم لعلة أخرى؟ من أهل العلم من يقول: إن العلة -يعني: الحكمة- من النهي عن الطلاق حال الحيض لئلا تطول العدة على المرأة، لأنه إذا طلقها وهي حائض فلا تحسب هذه الحيضة وتنتظر حتى تأتي الحيضة الأخرى، فتكون هذه الحيضة الأخرى هي أول أقرائها، وعلى ذلك فتطول عدتها.
وقال بعض العلماء: بل هناك حكمة أخرى، وهي: أن المرأة في حال الحيض يعافها في الغالب الرجل فيسهل عليه طلاقها، وكذلك إذا جامعها وطابت نفسه منها في طهرها يسهل عليه أيضاً طلاقها.
فإذا كانت المرأة طاهراً ولم يجامعها فإنه يكره طلاقها، فلا يقدم على الطلاق إلا وهو كاره لها لا رغبة له بها.
والصحيح: أن الحكمة هذه وهذه، وما يخفى أيضاً علينا، وعلى ذلك فالذي يترجح أن النهي عن طلاق الحائض إنما هو لحق الله سبحانه وتعالى، ويدل على هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يستفصل من ابن عمر رضي الله عنه لما طلق امرأته، ولو كان إذنها معتبراً ومؤثراً لسأل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هل أسقطت حقها ورضيت؟ فإن كانت قد أسقطت حقها أجازه وإن لم تسقط حقها لم يجز.
وعلى ذلك فنقول: الراجح أنه لا يجوز له أن يطلقها وإن كانت هي التي تسأله.
قوله: (والخلع): أما الخلع فهو ظاهر كما تقدم، وذلك لأن المرأة إنما خلعت نفسها وبذلت مهرها أو شيئاً منه دفعاً للضرر عنها، ولذا فإن المرأة يجوز أن تخلع وهي حائض وأن تخلع في طهر قد جومعت فيه، وذلك لأن الخلع يقصد منه دفع الضرر عنها، وفي تربصها حتى تطهر من حيض ولا تجامع فيه مشقة عليها.