من شروط القصاص في الأعضاء مراعاة الصحة والكمال

قال: [الرابع: مراعاة الصحة والكمال، فلا تؤخذ كاملة الأصابع والأظافر بناقصتها]، فإذا كان الجاني قد قطع اليد اليمنى وهي ناقصة فيها مثلاً أربع أصابع، ويده كاملة فلا نأخذها بتلك الناقصة؛ لعدم المماثلة، كذلك في الأظافر، فإذا كان فيها عيب في الأظافر فهي ناقصة؛ فلا تؤخذ بها الكاملة، وذلك لعدم استوائهما في الكمال، فلا تؤخذ كاملة الأصابع والأظافر بناقصتها، [ولا عين صحيحة بقائمة]، لا تؤخذ العين الصحيحة بالعين القائمة، والعين القائمة هي التي يكون فيها بياض وسواد، ويكون بياضها وسوادها صافيين، لكن هذه العين لا ترى، من رآها ظن أنها ترى؛ لأن السواد في موضعه والبياض في موضعه، ولكن لا رؤية؛ فإذا لطمها شخص فأتلفها، لا تؤخذ بها عينه الصحيحة؛ لعدم الاستواء.

قال: [ولا صحيح بأشل]، فإذا قطع صحيح يد أشل، فلا نأخذ يده الصحيحة؛ لعدم الاستواء.

قال: [ولا صحيح بأشل من يد ورجل وأصبع وذكر]، فإذا كان الذكر الذي قطع أشل فلا نأخذ به ذكراً صحيحاً.

يعني: إذا كان الجاني ذكره صحيحاً والآخر ذكره أشل فلا يؤخذ هذا بهذا، وإنما في ذلك الدية.

قال: [ولا ذكر فحلٍ بذكر خصي]، إذا كان هذا ذكره فحل، وهذا ذكره خصي، فلا يؤخذ هذا بهذا؛ وذلك لعدم المماثلة، أو كان هذا ذكره صحيحاً وفحلاً، والآخر عنيناً لا يطأ، فلا يؤخذ هذا بهذا، أي: لا نأخذ الصحيح السليم بغير الصحيح.

قال: [ويؤخذ مارن صحيح بمارن أشل]، المارن يعني به: مارن الأنف، فيؤخذ الصحيح بالأشل؛ قالوا: لأن الرائحة في الدماغ وليست في الموضع من العضو.

فلو أن رجلاً لا يشم جنى عليه جانٍ فأخذ مارن أنفه بسكين، وهذا يشم -أي: الجاني- فهل نأخذ مارنه؟ نأخذه؛ لأن الرائحة-يعني: الشم- ليست في المارن، وإنما هي في الدماغ.

قال: [كذلك وأذن صحيحة بأذن شلاء]، فالأذن الصحيحة السمع ليس فيها، وإنما هو في الدماغ، فلو أن رجلاً لا يسمع قطع أذنه شخص يسمع هل نأخذ أذن هذا بأذن هذا؟ نعم.

وذلك لما تقدم؛ لأن السمع في الدماغ، لكن العكس هل يؤخذ؟ العكس يؤخذ، فلو أن رجلاً أشل قطع يداً صحيحة، فللآخر أن يأخذ يده وإن كانت شلاء، ولو أن رجلاً يده مقطوعة الأصابع قطع يداً صحيحة فللآخر أن يأخذ اليد؛ لأنها أنقص، وهذا كقتل العبد بالحر.

وعلى ذلك فالعكس فيه القصاص، يعني: إذا كان عضو الجاني أنقص أخذ، وإذا كان عضوه أكمل لم يؤخذ.

يعني: إذا كان الجاني عضوه أكمل من عضو المجني عليه بأن كان عضوه صحيحاً كاملاً؛ فإنا لا نأخذه، وإذا كان عضو الجاني أنقص من عضو المجني عليه فإنا نأخذه؛ وذلك لأن هذا من جنس قتل العبد بالحر، وقد تقدم لكم أن المكافأة شرط في القصاص، فلا يقتل الحر بالعبد، لكن العبد يقتل بالحر، وإن كان كما تقدم الراجح أن الجميع يقتلون، فيقتل الحر بالعبد، ويقتل العبد بالحر، وقد تقدم الكلام على هذا، لكن هذا على ما قرره الجمهور، ولأنه لا ظلم في ذلك، وأما إذا أخذنا اليد الكاملة باليد الناقصة فهذا ظلم، لكن إذا أخذنا اليد الناقصة باليد الكاملة لم يكن في ذلك ظلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015