الأحكام التي تثبت باللعان

قال: [ويثبت بتمام تلاعنهما أربعة أحكام].

إذا ثبت التلاعن فما الذي يترتب على ذلك من الأحكام؟ قال: [الأول: سقوط الحد أو التعزير]، فالرجل يكون بذلك قد درأ العذاب عن نفسه، فلا يقام عليه حد ولا تعزير.

[الثاني: الفرقة ولو بلا فعل حاكم]، فيفرق بينهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (لا سبيل لك عليها).

وفي صحيح مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالرجل، فشهد أربع شهادات، ثم ثنى بالمرأة، ثم فرق بينهما).

وفي سنن أبي داود: (مضت السنة أن المتلاعنين يفرق بينهما ولا يجتمعان أبداً).

فإذاً لا يجتمعان أبداً، فلا يقول بعد ذلك: أريد أن أعقد عليها أو أنكحها.

أما إذا أقرت أثناء ذلك فيقام عليها الحد وحدها، فإن كانت محصنة فحدها الرجم، وإن كانت غير محصنة فإنها تعزر.

وقوله: (الفرقة ولو بلا فعل حاكم)، يعني لا ننتظر إلى أن يحكم الحاكم بالفرقة، بل لا سبيل له عليها.

ولذا قال: [الثالث: التحريم المؤبد]، فلا تحل له أبداً.

ثم قال: [الرابع: انتفاء الولد، ويعتبر لنفيه ذكره صريحاً كأشهد بالله لقد زنت، وما هذا ولدي].

إذاً: لا ينتفي الولد بمجرد اللعان حتى ينفيه، فإذا نفاه انتفى، وإذا لم ينفه لم ينتف.

إذاً: إذا نفاه صريحاً وقال: ما هذا ولدي، فإن الولد ينتفي، لكن إذا لم يتعرض له بنفي فإنه لا ينفى.

وهل يشترط أن يكون اللعان لنفي الولد عند الوضع أم يصح وهي حامل؟ قولان: أصحهما أنه يصح اللعان وهي حامل، ولا يشترط أن ينتظر في اللعان حتى تضع.

وذلك لأن الرجل في قصة الملاعنة قد أنكر حملها كما في البخاري وكانت الملاعنة وهي حامل.

فإن قيل: إنه ليس بمستيقن، فقد يكون هذا الحمل ريحاً؟ ف

صلى الله عليه وسلم أنا لا نبني على الظن، ولذا فإن الحامل تفطر في رمضان، إذا خافت على نفسها وعلى ولدها، وهذا بناء على الظن، ويؤخر عنها الحد وهي حامل بناء على الظن.

إذاً: لا ينتظر حتى تضع، فلو نفاه وهي حامل صح النفي.

هذا رجل رمى امرأته بالزنا ولم ينف الولد، وهنا يأبى الولد ودعي لولده بالصلاح مثلاً فقال: آمين ونحو ذلك، ثم أراد أن ينفيه بعد ذلك، فلا يقبل.

كذلك أيضاً: لا يتراخى في النفي، وذلك لأنه خيار لدفع الضرر، فلابد أن يكون فوراً؛ لأن تراخيه دليل رضاه.

فلابد أن ينفيه فوراً إلا أن يكون غائباً أو لم يعلم بالحمل، أما إذا علم بالحمل وتراخى ولم ينفه فليس له أن ينفيه بعد ذلك، لأنه خيار شرع لدفع الضرر فكان على الفور كخيار الشفعة.

إذا شهد الرجل أربع شهادات بالله ثم لعن نفسه في الخامسة إنه لمن الصادقين، ثم إن المرأة قيل لها: احلفي فأبت أن تحلف، فما الحكم؟ المشهور في المذهب أنه يخلى سبيلها، والقول الثاني وهو اختيار شيخ الإسلام وهو مذهب المالكية قالوا: بل لا يخلى سبيلها وإنما يقام عليها الحد، وهذا هو الراجح.

لأن الله جل وعلا قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور:8] فظاهر هذه الآية أنها إن لم تشهد فإن العذاب لا يدرأ عنها، وعلى ذلك فلا يخلى سبيلها إذا لم تلاعن ونكلت، بل يقام عليها الحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015