الصنف الثاني من أهل الأهواء: الفرق الضالة كالرافضة وفرقهم، والصوفية الحلولية والاتحادية وفرقهم، والبهائية والقاديانية والفابية، وهم موجودون اليوم بيننا، وللأسف لهم كلمة مسموعة وسطوة في بلاد كثيرة، وكذلك في بلادنا لهم كلمة مسموعة ويبجلون ويحترمون أشد الاحترام، بخلاف أهل السنة والجماعة، وتجاهلهم من أعظم الأخطاء التي تفتك بالأمة؛ لأن هذا الصنف يستعين بعدوك وبخصمك، فإذا بك تنظر في يوم ما أنه أكبر منك وأقوى، فلا تستطيع أن تحاربه، بل لا تستطيع أن تنقم عليه شيئاً من عقيدته أو مسلكه وخلقه؛ لأنك تخاف حينئذ، وأكبر دليل على ذلك انتشار الشيعة في بلاد العرب، وإذا أراد داعية أن يتكلم في محاضرة ما عن الشيعة الرافضة غمزوه وشدوا على ثوبه، وقد فعلوا ذلك معي عدة مرات، فقد تكلمت في محاضرة عن الالتزام بالسنة ونبذ البدعة، فأتاني رجل وأخذ أذني والتقمها وقال: يا شيخ! مالك وللشيعة، دعهم! قلت: أعندكم شيعة؟ قال: (20%) من السكان شيعة، فلو كانوا هؤلاء أقوياء بإيمانهم لما خافوا من الشيعة حتى لو كانوا (100%)، ولكن الذي يتخلى عن منهج الله ورسوله يجبن ويخاف من كل شيء حتى من الفئران والقطط.
قد يقول قائل: لماذا تدرسون معتقدات هذه الفرق؟! أوليس قد مضوا وانتهوا؟! أقول: هذه الفرق الأصلية موجودة في زماننا، وستكون موجودة إلى قيام الساعة، وإن اختلفت أشكالها وألوانها ومسمياتها، وأنتم تعلمون الآن ما يطلق على ألسنة أهل العلم: المدرسة العقلية، فهذه التسمية شرعية ويقصد بهم المعتزلة، ومعظم الناس الآن يقعون بجهل في الإرجاء، تقول لأحدهم: صم يا فلان، فيقول لك: إن الله غفور رحيم، وسأدخل الجنة مباشرة، فتراه مفرطاً في العمل ويتمنى أن يدخل الجنة، ويتمنى على الله الأماني، وهذا كله ضلال وانحراف.
والنبي عليه الصلاة والسلام كان رأس التكليف في هذه الأمة، فقد كان يصوم ويصلي ويزكي ويحج ويأتي بكل الطاعات حتى لفظ آخر نفس من حياته، وهو الذي غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع هذا كان يقوم الليل نافلة حتى تورمت قدماه، وأشفقت عليه إحدى نسائه عائشة رضي الله عنها وقالت: أما غفر الله لك يا رسول الله! أشفق على نفسك، فقال: (أفلا أكون عبداً شكوراً).
ولكن الأمة وقعت فيما حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام.