الحياة الزوجية تبدأ بتوجيه نظر الزوج والزوجة بحسن الاختيار، والأمر بالنظر إلى الخاطب والمخطوبة سواء بسواء، وبعض الإخوة يتصور أن المطلوب من جهة النظر: النظر إلى المرأة، وهذه نظرة قاصرة، فللمرأة الحق في النظر إلى الرجل الذي تقدم لخطبتها، فإن راق لها وقبلته كان لها أن تعلن عن القبول.
إن كانت المرأة ثيباً فتستأذن وتوافق هي، وإن كانت بكراً واستؤذنت فسكتت فذلك إذنها؛ لأن حياءها يمنعها من الكلام، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الثيب تستأمر، والبكر تستأذن، قيل: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: صماتها أو سكوتها)؛ لأن البكر حيية ليس لها معرفة بأحوال الرجال، فهي إذا استؤذنت ضحكت، أو سكتت حياء، أو عرقت، أو خجلت، أو انصرفت عن موطن السؤال، أما إذا قالت: لا، لا أريده، فلا يجوز قط لوليها أن يزوجها مع رفضها إذا كانت بالغة عاقلة، أما إذا كانت قاصرة فيزوجها وليها من رجل كفء ولو بغير إذنها، وحتى إن رفضت، كما تزوج النبي عليه الصلاة والسلام عائشة وعمرها ستة أعوام، وبنى بها النبي عليه الصلاة والسلام وعمرها تسعة أعوام، وذلك بغير إذنها؛ لأنها لم تبلغ.
ولذلك يقول العلماء: الولاية على النكاح ولايتان: ولاية إجبار، وولاية اختيار، أما ولاية الاختيار فهي أن يستأذن الوالد أو الولي البنت البالغة، العاقلة، الراشدة، فإن أبت فيحرم عليه أن ينكحها، وإن سكتت أنكحها؛ لأن السكوت إذن، أما ولاية الإجبار فتثبت للأب خاصة؛ لأن الأب أحرص الناس على سوق الخير إلى ابنته؛ فإن تقدم لها الكفء الذي يرفع رأس الأسرة في السماء؛ فإنه حينئذ يحملها على النكاح منه ولا حرج عليه.