الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: فإذا كان الحل مع اليهود هو الجهاد أو القتال فلا بد أن نطرح سؤالاً: من الذي يقاتل؟ ومن الذي يدافع؟ ومَن مِن المسلمين اليوم صاحب رسالة، يعلم حقيقة الأمر، ويعلم ألاعيب اليهود والنصارى؟ والعجيب أننا نتكلم كثيراً عن اليهود وندع النصارى وكأنهم أحباب لنا! أنسيتم الحروب الصليبية؟ أنسيتم التخطيط والغدر، والخداع، والمكر، والإعداد على أعلى مستوى إلى يومنا هذا في هذا البلد وفي غيره؟ أنسيتم هذا؟ كل من لم يكن مسلماًً فهو عدو يجب على كل مسلم أن يتخلص منه ليكون الدين لله، ولذلك لا بد أن نقرر أن المسلمين اليوم عبارة عن موقوذة، ومتردية، ونطيحة، وقلّ منهم من يصلح أكلاً لسبع، إلا من رحم الله عز وجل، فهل نقاتل بهذا الشباب المتسكع في الطرقات والنوادي؟ هل نقاتل بشباب وفتيات الجامعات أو حتى الثانوية؟ إن البغاء والسكر والخمر والمعاكسات قد ظهرت في أطفال الابتدائية، فبأي شيء نقاتل؟ وبمن نقاتل؟ لا بد أن تتربى الأمة من جديد على شريعة الرحمن تبارك وتعالى عقيدة، وعلماً، وعملاًَ، وعبادة، حتى يأتينا أجيال تعلم الإسلام، وتعلم الإيمان قولاً وعملاًَ وتتمثل دين الله، فيمشون على الأرض كأنهم قرآن أو أنبياء، هذه الأجيال التي ينتظر على أيديها النصر والفوز، أما نحن فلا خير فينا إلا ما ندر.
إذا خرج في المسلمين اثنا عشر ألفاً ماذا ستكون النتائج؟ ربما تعترضني وتقول: المسلمون ملايين.
لكن أنا لا أفرح بهذه الملايين، إنما تكلم النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا العدد وأخبر أنهم لا يغلبون من قلة، الواحد منهم بأمة، والأمة الآن لا تساوي واحداً منهم، كان سلمه بن الأكوع مثلاً يسرع خلف العدو، فكان إذا ضرب واحداً على قفاه خر ميتاً، وكان يدخل في جيش العدو وحده فيهزمهم، هذا وأمثاله هم الذين عناهم النبي عليه الصلاة والسلام! هذه الأحاديث ليست لنا ولسنا أهلاً لها، ولا أهلاً للنصر، أتظنون أن الله تعالى يخلف وعده؟ إن الله تعالى قال: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7] فلما تأخر النصر علمنا أننا لم ننصر الله تبارك وتعالى، هذه سنن كونية ربانية لا تتخلف قط.
اليهود أجبن الناس عن المواجهة والقتال ولكنهم يتجرءون؛ لأنهم يعلمون أننا أبعد الناس عن الإيمان، وعن الحقيقة التي أنيطت بنا، ولذلك قال طالب فلسطيني لهذا الهالك موشى ديان لما كان يتجول يوماً في كل شهر يسلم على أطفال المدارس، كان يذهب هذا الهالك المصري اليهودي الذي تربى وترعرع في أرض مصر، ثم أخذ رئاسة وزراء اليهود هناك، ثم حارب الإسلام في كل بقعه من بقاع الأرض، لما أراد أن يسلم على طالب مسلم موحد، قال ذاك الطالب: لا أضع يدي في يدك أيها المحارب الكافر، وإنا إن شاء الله لنا الغلبة عليكم.
فضحك موشى ديان مستهزئاً وهو يقول: نعم.
إذا تمسكتم بتراثكم وتخلينا عن تراثنا حينئذ تغلبوننا؛ لأنه يفهم القضية، ولم يترأس اليهود على طول تاريخهم إلا رئيس وزراء يعلم القضية، وصاحب عقيدة يعمل لأجلها.
اليهود يعلمون أنهم قوم أذلاء، ولذلك {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96] تنكير (حياة) يدل على قبول عموم الحياة: حياة الذل، والهوان، والكرامة، والسعادة، والشقاء، يقبلون أي حياة، فما بالهم الآن لا يقبلون إلا حياة العزة، والأبهة، والسطوة، والشرف، والسيادة؟ وما بالنا كذلك لا نقبل هذا الشرف وهذه السيادة والريادة التي فرضها الله عز وجل علينا؟