وأما الأخبار التي تحث على الخوف، فمن ذلك: قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود:103 - 106].
وقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:1 - 2].
وقال عز وجل: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران:131].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجوههم ولهم خنين).
والقليل هنا المقصود به: القليل جداً، أي: الذي يئول إلى العدم.
والمعنى: لما ضحكتم أصلاً ولأكثرتم من البكاء، (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).
وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم من الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).
وكذلك كان حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومما يحض على الخوف من الله عز وجل ويدفع إلى خشيته عز وجل: (أنه كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام في الصلاة سمع لقلبه أزيز كأزيز المرجل).
(وكان إذا سمع ريحاً عاصفة يتردد في الحجرة ويدخل ويخرج)، وكل ذلك خوفاً من عذاب الله عز وجل.
والملائكة الذين لا يعصون الله عز وجل ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وصف الله خوفهم فقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل:50].
ويقول عز وجل: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد:13].
وقال أبو الدرداء: لو تعلمون ما أنتم ملاقون بعد الموت لما أكلتم طعاماً على شهوة، ولا شربتم شراباً على شهوة، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فوالذي نفسي بيده لو يعلم العلم أحدكم لبكى حتى ينقطع صوته، ولصلى حتى ينكسر صلبه.