قال صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وهذا أيضاً لأن الجزاء من جنس العمل، فمن كان يساعد إخوانه ويسعى في قضاء حوائجهم فالله عز وجل يساعده ويقضي له حوائجه.
وأرسل الحسن البصري جماعة من أصحابه في قضاء حاجة لأخ لهم، وقال لهم: مروا بـ ثابت البناني فخذوه معكم، فمروا بـ ثابت فاعتذر وقال: أنا معتكف، فلما بلغوا الحسن البصري قال لهم: قولوا له: يا أعمش! أما علمت أن سعيك في حاجة أخيك خير لك من حجة بعد حجة -والأعمش لقبه- فذهبوا إلى ثابت فأخبروه بقول الحسن فخرج معهم.
وكان أبو بكر رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم؛ لأنه كان من العيب عند العرب أن تحلب النساء الغنم، فكان إذا غاب الرجال لا تجد النساء من يحلب الغنم، فكان أبو بكر يحلب للحي أغنامهم، فلما استخلف، قالوا: الآن لا يحلبها، قال: إني لأرجو ألا يمنعني ما دخلت فيه عن عمل كنت أعمله.
وكان عمر رضي الله عنه يتعاهد الأرامل ويقضي لهن حوائجهن، فرآه طلحة بن عبيد الله -أحد العشرة المبشرين بالجنة- يتردد على بيت امرأة في الليل، فدخل طلحة بالنهار فرأى عجوزاً عمياء مقعدة، فقال: ما يفعل هذا الرجل عندك؟ قالت: إنه منذ كذا وكذا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة: ويحك يا طلحة! أوعورات عمر تتبع؟ وكان أبو وائل يدور على عجائز الحي يقضي لهن حوائجهن من السوق.
ويقول مجاهد أحد التابعين: صحبت ابن عمر في سفر لأخدمه فكان يخدمني.
هذا هدي السلف رضي الله عنهم، وهذا حرصهم على طاعة الله عز وجل وعلى قضاء حوائج إخوانهم، (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).