السبب الأول: هو محبة الله عز وجل، وإن كانت المحبة غاية، إلا أن العبد إذا وصل إلى محبة الله عز وجل، فلا شك أن هذا يدفعه إلى تقوى الله عز وجل ومراقبته.
فما هي الأسباب الموصلة إلى محبة الله عز وجل؟ من ذلك: معرفة أسماء الله عز وجل وصفاته، وتقلب القلب في رياض معانيها؛ فإن العبد إذا عرف ربه عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وإلهيته وربوبيته؛ فإنه لا شك يزداد حباً لله عز وجل، فأعرف الناس لله عز وجل أكثرهم حباً له، وأكثرهم خشية منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم بالله، وأشدكم له خشية).
ومن ذلك: أن يتدبر العبد نِعم الله عز وجل عليه، قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:53]، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34]، فمهما تدبر العبد نعم الله عز وجل عليه فإنه لا شك يزداد حباً لله عز وجل، فإن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها.
ومن ذلك: الخلوة بالله عز وجل في وقت الإذن العام والنزول الإلهي: (في ثلث الليل الآخر ينزل ربنا جل وعز إلى سماء الدنيا يقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟).
فالخلوة بالله عز وجل في هذا الوقت مما يزيد العبد حباً لله عز وجل ومراقبة له.
ومن ذلك: قراءة القرآن مع التدبر والتفكر في معانيه، قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2].
أيضاً من أسباب محبة الله عز وجل: التفكر في مخلوقات الله عز وجل فإن معرفة عظمة المخلوق يدل كذلك على عظمة الخالق عز وجل.
ومن ذلك: كثرة النوافل بعد استكمال الفرائض، كما في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).
ومن ذلك: تقديم محابه على محابك عند غلبة الهوى.
ومن ذلك: أن يترك العبد كل سبب يحول بينه وبين محبة الله عز وجل.
ومن ذلك: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب كلامهم، فإذا أردت أن تحب أحداً فجالس من يحبه، فإنه يذكر لك من صفاته ومن أياديه ما يدعو قلبك إلى محبته.
فهذه جملة أسباب تعين على زيادة محبة الله عز وجل.