يقول: (أهل الفن: إن حياتهم أسوأ حياة يعيشها البشر؛ فشل أسري، مخدرات، انحلال، انعدام حياء، موت فضيلة، وأقصد بأهل الفن أهل الغناء والطرب، والتمثيل، ولا أقول هذا من عندي، بل هو من مذكراتهم التي تعج بها الصحف صباح مساء، خذوا على ما أقول ثلاث وقائع).
يعني: قد يكونون معذورين، لأن أكثرهم ما وجدوا طريق السعادة الحقيقية وما ذاقوا طعم الإيمان.
يحكي أحد من إخواننا في القاهرة، بينما كنا في درس في المسجد، فأرسلت لنا بورقة من خارج المسجد، وكانت الورقة من امرأة تشتغل بالرقص، فتقول: أنا أعمل راقصة، وأنا واقفة خارج المسجد بزي الرقص متبرجة، وأنا قلبي يتقطع من هذا الكلام الذي أسمعه، فمدوا إلي أيديكم، فالمهم أن بعض الأخوات أخذنها وأدخلنها المسجد وألبسنها الحجاب، ثم إن هذه المرأة أتت بستين راقصة وأدخلتهن في دائرة الإسلام وتحجبن، فهن كن في ضياع ولم يذقن حلاوة الإيمان، وكن يظنين أن في المال والشهرة والعبث واللعب توجد السعادة الحقيقية، فلما وجدت هذه المرأة حلاوة الإيمان أتت بالراقصات من الأرياف والقرى، فكان بفضل الله عز وجل أن من عليهن بإيمان عظيم.
فهذا يدل على أنهن محرومات، وأنهن في شقاء في القلب؛ بسبب المعاصي، فالإنسان لو أطلق بصره مثلاً في امرأة متبرجة مثلاً يجد شقاء في قلبه، فكيف بالزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وهذه الأشياء؟ فإذا كانت نظرة أو كلمة قاتلة تنبت شقاء وظلمة في القلب، والمؤمن يحس بهذه المعصية إذا فعلها، فكيف بالكبائر؟! وكيف بالذي حياته كلها معاص، وهو بعيد جداً عن شرع الله وبعيد عن طريق الإيمان؟ فلا شك أن هؤلاء عندما يجدون السعادة الحقيقية يحسون أنهم كانوا في وهم وخيال، وأن الذي كانوا فيه لم يكن هو السعادة ولا الحياة الطيبة، فمن فيه خير منهم رجع إلى حظيرة الإيمان.
يقول: (لا أقول هذا من عندي -يعني: أن أهل الفن أكثر الناس شقاء- بل هو من مذكراتهم التي تعج بها الصحف صباح مساء، خذوا على ما أقول ثلاث وقائع: الواقعة الأولى: أنور وجدي زوج الممثلة اليهودية ليلى مراد).
يعني: نذكر هذه الأسماء وإن كان الأولى أن ننزه هذه الأماكن منها، ولكن ذكر في القرآن مثل قارون وهامان وأبي بن خلف وفرعون للعبرة والعظة.
يقول: (هذه الزوجة قالت في مذكراتها عن زوجها أنور وجدي: إن زوجي كان ممثلاً بسيطاً، فقال: أتمنى أن أملك مليون جنيه حتى ولو أصبت بمرض، فقلت له: ما ينفعك المال إذا جاءك المرض؟ فقال: أنفق جزءاً من المال في علاج المرض، وأعيش ببقيته سعيداً، تقول: فملك أكثر من مليون جنيه، وابتلاه الله بسرطان في الكبد، فأنفق المليون جنيه وزيادة ولم يجد السعادة، حتى إنه كان لا يأكل إلا شيئاً يسيراً من الطعام).
يعني: قد يكون عنده مال كثير جداً، ولكنه عنده من الأمراض ما لا يجد طعم الطعام.
يقول: (فهو ممنوع من أكل كثير من الأطعمة، وأخيراً مات بهذا المرض حسيراً نادماً).
لم يجد سعاة لا في الدنيا ولا في الآخرة، إن كان مات على عمل سيئ.
يقول: (الواقعة الثانية: نيازي مصطفى، هو من كبار المخرجين، لكنه عاش حياته في شقاء وتعاسة، وعندما بلغ السبعين من عمره، وجدوه قد قتل في منزله، ووجدوا أنه في تلك الليلة التي مات فيها، قد أقام حفلة صاخبة، شاركه فيها أكثر من عشر فتيات، وفي الصباح وجدوه أثراً بعد عين، فقد وجدوه قتيلاً!).
وكثير من هؤلاء يموت من كثرة شرب الخمر، فيحصل له تسمم من الخمر يموت بسوء خاتمه بسببه والعياذ بالله.
يقول: (انظر إلى هذه الحياة، ذعر، وسكر، وخيانة، مات على هذه الحالة المأساوية، نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
الواقعة الثالثة: عبد الحليم حافظ الرجل الذي عاش حياته مريضاً وحيداً).
وأنا كنت أتصور أن عبد الحليم حافظ هذا كان عمره بين العشرين والثلاثين سنة، ولكنه كان قد تجاوز الخمسين سنة، وما تزوج، وعاش حياة كما يعيش غيره من أهل الفن.
يقول: (عبد الحليم حافظ الرجل الذي عاش حياته مريضاً وحيداً من غير زوجة ولا ولد، إلى أن اختطفه الموت، وأنهكه المرض بعد الخمسين بقليل في قمة الشقاء.
فالسعادة إذاً ليست إلا بريقاً زائفاً تشع به أعينهم؛ لتوهم الآخرين بذلك، مع أنهم يعيشون في الواقع قمة الشقاء والتعاسة).
إذاً: فليست السعادة لا في المال ولا في الشهرة.