قال الإمام النووي: اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان: البخاري، ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلماً كان ممن يستفيد من البخاري.
والقصة معروفة أن الإمام مسلماً كان يتعلم من الإمام البخاري، وكان يتعلم من محمد بن يحيى الذهلي ثم لما وقع الكلام بين محمد بن يحيى الذهلي والإمام البخاري ونسب للإمام البخاري القول بخلق القرآن، فقال الإمام محمد بن يحيى الذهلي: من كان يجالس محمد بن إسماعيل فلا يجلس إلينا، أو من قال باللفظ فلا يجلس إلينا، كان مسلم يقول بما يقوله الإمام البخاري، وهما بريئان من هذه التهمة، وهما من أئمة أهل السنة، فترك الإمام مسلم مجلس محمد بن يحيى الذهلي وأرسل إليه كل الأحاديث التي سمعها منه.
ومن باب الإنصاف: لم يرو الإمام مسلم في صحيحه حديثاً واحداً عن الإمام البخاري مع أن البخاري شيخه، وهو أكبر منه وأعلم منه.
أما الإمام البخاري فروى أحاديث عن محمد بن يحيى، واعتبر أن ما وقع بينه وبين محمد بن يحيى ليس قادحاً في عدالته، فكان يقول: حدثنا محمد ويسكت.