وفي الحديث الثاني الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له).
و (رغم) من الرغام وهو التراب، والمعنى: التصقت أنفه بالتراب، وفي هذا زجر للإنسان عن أن يسمع اسم النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأنف ويستكبر أو يتجاهل أن يصلي عليه.
وكثير من الناس لما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي عليه، وأحياناً نقول النبي قال كذا، أو النبي عمل كذا، فإن من قال عندها: صلى الله عليه وسلم هو المستفيد؛ لأن الله عز وجل هو الذي أمر بذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب:56] فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى صلاتك؛ لأن الله وملائكته يصلون على النبي، فمن أراد لنفسه البركة والخير: فليصل على النبي كما قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].
فالمؤمن كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم انشرح قلبه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء إنسان وقال: لماذا تطلب منا أن نصلي على النبي باستمرار، ويظهر الملل من ذلك، فهذا يندرج تحت قوله: (رغم أنف رجل ذكرت عنده) فهو يستحق الذل طالما أنه لم يوقر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سماع اسمه.