عقبات في طريق التوبة

هناك بعض العقبات التي تقف أمام المسلم في طريق توبته: العقبة الأولى: أنه لم يدرك معنى: التائب حبيب الرحمن، ولم يدرك معنى: المؤمن لا يقع، وإن وقع وجد متكئاً وهي رحمة الله، وهذا مثل العبد إذا وقع وهو يمشي في الشارع في ماء فيه طين وتلوثت ثيابه، أو سقط ابنك من يدك ووقع في الأرض فأخذته إلى أمه في البيت، فغسلت له الثياب المتسخة فتعود نظيفة كما كانت.

العقبة الثانية: البدع، فالبدع تجعل العبد لا يتوب، مثل شخص يذهب إلى الحسين أو السيدة زينب ويطوف حول القبر، فهذه بدعة، وهي مصيبة، فتقول له: تب، فيقول لك: من ماذا أتوب؟ أنا محب لآل البيت وأنت تكره آل البيت، مع أننا لا نكره آل البيت، ولكن الطواف لا يكون إلا حول الكعبة، فصاحب البدعة مقتنع بها.

والمؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، فتقول له: هذه غير موجودة، وبلال لم يعملها، فهل أنت أشد حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم من بلال؟! فيقول لك: ولو، فمن أين يتوب هذا؟! فهو غير مقتنع أنه مذنب، أو أنه على خطأ، ويقول لك: أنا أحب سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وكلنا نحبه صلى الله عليه وسلم، ولن ندخل الجنة من غير حبه صلى الله عليه وسلم.

فصاحب البدعة لا يتوب، وهذه عقبة شديدة من عقبات التوبة.

العقبة الثالثة من عقبات التوبة: الإسراف في المباحات، فالأكل والشرب والنوم والإنفاق كل هذا مباح، ولكن لو زادت جرعة المباح فأكل أو شرب أو نام أو أنفق أكثر مما يجب فهو مسرف في الطعام وفي الشراب وفي النوم وفي الإنفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:27].

العقبة الرابعة: أن الشيطان يضع السم في العسل، فيجعل للمعصية حلاوة، ولذلك سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم على إدراكه لبواطن النفوس يقول: (من رأى امرأة في الطريق فأعجبته فليأت أهله) فهذه امرأة وتلك امرأة.

والشيطان يجعل الشيء الحرام جميلاً، والحلال منفراً.

وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج أناساً يتركون طعاماً طيباً ويذهبون إلى الطعام الخبيث المنتن، فقال صلى الله عليه وسلم: (من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء يرزقهم الله بالحلال فيتركونه ويذهبون إلى الحرام).

وعبد الله الصالح الذي يعرف أن ربنا تاب عليه يحلو في عينيه الحلال، ويقبح الحرام.

وخادم أبي بكر سقى أبا بكر شربة لبن، فلما شرب أبو بكر قال له الخادم: أما سألتني يا خليفة رسول الله؟! قال له: عن ماذا؟ قال له: عن اللبن، قال له: عن ماذا؟ قال له: عن مصدره، قال له: من أين أتيت به؟ قال له: كنت أتكهن لقوم في الجاهلية، يعني: كان يعمل كاهناً في الجاهلية، ويسمى اليوم المنجم، وهو الذي يضرب المندل والودع، ويفتح الكوتشينة، ويقرأ الفنجان والكف والحظ الذي في المجلة، وفي الحديث: (ومن ذهب إلى عراف أو كاهن فصدقه بما قال فقد برأت منه ذمة الله وذمة رسوله).

فهذه كبيرة من الكبائر لابد أن نتوب منها، ولا يوجد داع لصفحة الحظ هذه، وهل هناك ستون مليوناً يجتمعون في حظ واحد؟! فلا تفتح صفحة الحظ لا من باب المزاح ولا من باب الجد.

قال الخادم: كنت أتكهن لقوم في الجاهلية، فمررت بهم فأعطوني منيحة اللبن تلك.

فوضع أبو بكر إصبعه في فمه فتقيأ ما شرب، ثم بكى وقال: اللهم إني أعتذر إليك مما اختلط باللحم والعروق؛ لأن بطن أبي بكر لم تتعود على الحرام، ولا تقبله، مثل السيارة لا تمشي إلا بالبنزين، ولو وضعت لها شيء غير البنزين لا تمشي.

وسيدنا سهل بن عبد الله رضي الله عنه وصل به الورع إلى أنه كان إذا مد يده إلى طعام فيه حرام أو شبهة نبض عرق في يده.

اللهم ألحقنا بهؤلاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015