خامساً: الذي يربيه رمضان فينا: التربية على الوحدة والأخوة والألفة بين كل المسلمين، كل المسلمين في كل بقاع الأرض سيصومون في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد، سيصومون من الفجر ويفطرون في المغرب، المسلمون كل المسلمين في مصر والسودان والكويت والعراق، وأفغانستان وباكستان، وفي البوسنة وأمريكا وإنجلترا، وفي نيجيريا والصومال، أي بقعة على الأرض بها مسلم ستشهد صياماً في وقت واحد وبكيفية واحدة، وبفرحة واحدة، فأي وحدة وأي ألفة وأي أخوة! لا فرق بين غني ولا فقير، ولا بين حاكم ولا محكوم، ولا بين عربي ولا أعجمي.
ثم في داخل كل قطر وفي داخل كل مدينة وفي داخل كل شارع إفطارات جماعية في كل مكان، روح اجتماعية راقية جداً تسري في قلوب المسلمين في شهر رمضان.
لقد سافرة كثيراً وشاهدت المسلمين من كل الأقطار تختلف العادات والتقاليد، لكن الكل يجتمع في رمضان، صلة الرحم تزداد في رمضان، بر الوالدين يزداد في رمضان، الزيارة في الله تزداد في رمضان، التواد بين الجيران يزداد في رمضان، جو عام جميل يربي المسلمين على أن يكونوا يداً واحدة.
ثم صلاة القيام (التراويح) في كل مساجد العالم يصطف المسلمون بأعداد كبيرة، الواحد يلتصق بأخيه، يشعر بدفء الأخوة، ودفء المسجد، ودفء الإسلام، تخيل أمة يرتبط أفرادها بمثل هذا الشعور هل يمكن أن تسقط؟ هل يمكن أن تنهار؟ أبداً، من سنن الله عز وجل أن المسلمين إذا اجتمعوا انتصروا، وإذا تفرقوا انهزموا وتشتتوا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4]، وهذه تربية رمضان.