الوسيلة الثانية من وسائل رمضان لبناء الأمة الإسلامية: هي التميز.
إلى أي حد جميل أن يشعر المسلمون بالتميز عن غيرهم، وبالهوية الإسلامية، كان المسلمون في السنة الأولى في المدينة المنورة يصومون يوم عاشوراء مع اليهود، وكان فرضاً على المسلمين، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: من شاء صامه - أي: يوم عاشوراء -، ومن شاء تركه).
الآن بعد فرض صيام رمضان ستتميز الأمة الإسلامية عن غيرها، ستصوم شهراً خاصاً بها، من المؤكد أنها ستشعر بالعزة لهذا التميز، وأيضاً في نفس الشهر الذي فرض فيه صيام رمضان وهو شهر شعبان سنة (2هـ) ستحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، تميز جديد قبلة واحدة لكل المسلمين، وليست لأحد إلا للمسلمين، وهذا الشعور بالتميز وبالهوية الإسلامية أداة حتمية من أدوات النصر والتمكين؛ فالأمة التي تشعر بأنها تبع لغيرها أمة لا تسود ولا تقود، والأمة التي ألفت أن تقلد غيرها وتتبع سننهم وتسير على مناهجهم وتعمل بعاداتهم ومعتقداتهم هي أمة لا تستحق القيام، أمة منهارة، أما أمة الإسلام الحقيقية فهي أمة متميزة لها هويتها الخاصة، ولها شكلها المعروف، ولها سماتها الأصيلة، ولها صفاتها المحددة.
وهكذا فإن رمضان يشعر المسلمين بالتميز عن غيرهم، وهذا من شأنه أن يعلي الهمم ويقوي من العزائم ويربط على القلوب.
إذاً: هذه كانت الوسيلة الثانية من وسائل رمضان لبناء الأمة الإسلامية: التميز عن غيرها من الأمم.