الشبهة الأولى: أن الأيدي العاملة في هذه المحلات وطنية 100%، وغلق المحلات سيؤدي إلى تشريد الآلاف أو الملايين على نطاق أمة المسلمين، كما سيؤدي إلى خسارة رأس المال الوطني صاحب التوكيل، وللرد على هذا نقول: 1 - نحن جميعاً متفقون أن الشركة الأجنبية ما جاءت إلى البلاد المسلمة بحدها وحديدها ومالها ورجالها وأفكارها إلا بغية الربح وجمع المال، ولم تأت حباً في مصلحة البلاد أو تأثراً بحال الفقراء، فعملنا في هذه الشركات سيؤدي حتماً إلى قوتهم وزيادة أموالهم وتوسيع أعمالهم وتثبيت دعائمهم، وهذا لا ينبغي لنا فعله إذا كنا مستيقنين بعدائهم أو بمساعدتهم لأعدائنا وبالذات في أوقات الحروب والأزمات، حتى لو كانت هناك خسارة حتمية للمسلمين.
2 - أين كان هؤلاء العمال المسلمون يعملون قبل أن تفتح الشركات الأجنبية أبوابها لهم؟ فالعامل الذي يشتغل في محل الفراخ أو البيتزا الأمريكاني كان يشتغل في محل الكباب الوطني، والذي يبيع في السوبر ماركت الغربي كان يبيع في السوبر ماركت الوطني، والذي يشتغل في محطة بنزين غربية -ومعظم رأس مالهم يهودي حتى وإن لم يكونوا أمريكان- كان يشتغل في محطة بنزين وطنية، وهكذا.
3 - الخسارة المتوقعة للعمال في فارق المرتبات، ولرءوس الأموال في الأرباح خسارة مقبولة، فنحن في حالة مواجهة لمؤامرة وحرب وكيد وتدبير من قبل أعدائنا لا لفلسطين فقط ولكن لعموم أمة المسلمين، فإذا اعتدى عدو على بلدك هل تقاتله لترده أم تقول أن القتال فيه خسارة سلاح ومال ومعمار ونفس؟ فإنك ستقاتله، والخسائر تصبح لا قيمة لها إذا قورنت برد العدوان، فالخسائر المتوقعة مقبولة؛ لأنها نوع من رد العدوان على الاقتصاد المسلم والشعوب المسلمة، ثم إن هذه الخسارة مؤقتة ولو تحسن الإنتاج المحلي وزاد لعاد الوضع أفضل مما كان عليه من قبل.
4 - نحن المسلمين نختلف عن غيرنا من البشر في أننا نعتقد تماماً أن الرزق مضمون من رب العالمين سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:22]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)، فالإنسان المسلم يقتنع بأنه لم يقل رزقه الذي قسمه الله له بانتقاله من مكان إلى آخر، فإن قيل: بأن هذا أخذ بأسباب الرزق، فإننا نقول: اللهم لا تجعل رزقناً أجوراً من أعدائنا، فليس من جمال الطلب أبداً أن أطلب رزقي من قاتل إخواني.
5 - صاحب رأس المال الوطني عندما يشاهد بعد الناس عن المنتج اليهودي أو الأمريكي سيفكر ألف مرة قبل أن يأخذ توكيلاً من شركة يهودية أو أمريكية، وبذلك مع مرور الوقت سيجد أصحاب رءوس الأموال البدائل المناسبة وستدور الدورة من جديد لصالح المسلمين.
6 - ألا يشعر المسلمون بالأنفة والغيظ والهم والنكد؛ لأنهم يعملون في مصانع وشركات تؤيد اليهود سواء عن طريق الضرائب أو المساعدات المباشرة، لقد كان المصريون في السابق يأنفون من العمل في مصانع وشركات وثكنات الإنجليز؛ لأنهم كانوا محتلين للبلد، كذلك كان يفعل الليبيون مع الطليان، ويفعل الجزائريون مع الفرنسيين، فما الذي تغير؟ هل تغيرت الظروف أم النفوس؟ أليس لراحة النفس بالعمل في شركات المسلمين ثمن؟ فلو كان الثمن لهذه الراحة النفسية هو فارق المرتب فإنه ثمن زهيد حق زهيد.
7 - اعتبر فارق المرتب هذا صدقة على المجاهدين وإسهاماً في قضية فلسطين، وإنفاقاً في سبيل الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (وما نقص مال من صدقة)، وستعوض من طريق آخر، أو يسد عليك باب إنفاق، هذا ما لا يشك فيه مؤمن.