الفائدة الرابعة: إذا حدث حصار اقتصادي على البلد في أي وقت ماذا سيكون موقفنا؟ وهذا وارد لأتفه الأسباب، ودوام الحال من المحال، فأهل العراق كانوا يتمتعون بمال وفير، وخير كثير، ثم ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال، وليبيا كانت لها علاقات كثيرة جداً مع كل بلاد العالم، فلما خطف رجلان ليبيان طيارة حوصرت ليبيا اقتصادياً وفرض عليها عقوبات، فمن الجائز أن اثنين غداً يخطفون طائرة من أي بلد فيفرضون الحصار على البلد من غير أي أسباب ومبررات، ولو حدث هذا الحصار على بلادنا ونحن نعتمد على منتجات غربية من شركات أجنبية ماذا سيحدث لو سحبت هذه الشركات نفسها من السوق المسلم؟ أليس من الحكمة ألا نعتمد على المنتجات الغربية التي ستقطع لو حوصرت البلاد المسلمة؟ سوبر ماركت ضخم ومشهور دخل السوق المصري بثقل كبير وفتح فروعاً كثيرة جداً وضخمة جداً ورخص الأسعار بشكل لافت للنظر، فكانت النتيجة أن معظم المحلات المحلية الوطنية المجاورة أغلقت أبوابها ولم تستطع أن تبيع شيئاً، والمصنع الأجنبي على استعداد أن يخسر في البداية لأجل خسارة كبيرة في سبيل أنك تغلق مصنعك أو محلك وبعد هذا هو يتحكم في السوق، وماذا يحدث لو فتح محل مثل هذا وأغلق بعد ذلك كل المتاجر الوطنية المجاورة ثم انسحب فجأة من السوق إذا حدث حصار اقتصادي على البلاد؟ فهذه كارثة محققة، فلو حصل حصار اقتصادي على مصر -مثلاً- في الوقت الذي نحن نعيش فيه الآن، فإن المستشفيات على سبيل المثال ستغلق أبوابها؛ لأنه لا توجد تجهيزات لغرف العمليات مصنعة محلياً، ولا كشافات إضاءة ولا خيوط جراحية ولا أدوات جراحية.
باكستان لها تجربة عظيمة جداً في إنتاج الأدوات الجراحية، ليأتي العالم الإسلامي كله يتعلم منها ويستورد منها، والجزائر لها تجربة رائدة في صناعة القناطر على الأنهار لنأتي ونتعلم منها ونستورد منها، ومصر لها تجارب كبيرة جداً في صناعة الورق والنسيج والحديد وغيرها من الصناعات لنأتي ونتعلم منها ونستفيد من هذه التجارب.
إذاً: المقاطعة تجهزنا ليوم نحاصر فيه، تجهزنا تجهيزاً إيجابياً اختيارياً وفي ظروف أفضل جداً من وقت الحصار الحقيقي، والحصار فرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو سياسية قديمة غير مستبعدة في أي زمان.