جاءت رسالة جديدة من هولاكو تجدد الآمال في نفس الخليفة، وهي وعود جديدة من هولاكو وفيها تزويج ابنة هولاكو لابن المستعصم بالله، وعلى أن يبقى المستعصم بالله في منصب الخلافة، والأمان لأهل بغداد جميعاً! لكن ما هي الشروط التي يمليها زعيم التتار على خليفة المسلمين؟ أولاً: تدمير الحصون العراقية.
ثانياً: ردم الخنادق.
ثالثاً: تسليم الأسلحة، السيوف والخيول.
رابعاً: الموافقة على أن يحكم خليفة بغداد العراق تحت رعاية تترية، ثم أن يخرج له الخليفة المستعصم بالله هو ومن معه من كبار رجال الدولة والعلماء والفقهاء وأولاد المستعصم، وبالذات الولدين الكبار: أحمد وعبد الرحمن؛ وذلك لأن واحداً منهم سيصير زوجاً لبنت هولاكو، ويعدون استقبالاً كبيراً لـ هولاكو لدخول بغداد، وختم هولاكو كلامه بأنه ما جاء إلى هذه البلاد إلا لإرساء قواعد العدل والحرية والأمان، وبمجرد أن يطمئن على هذه المعاني السامية سيعود مباشرة إلى بلاده.
رحمة من هولاكو عليه لعنة الله، ومع أن سيوف التتار لم تجف بعد من دماء مئات الآلاف من المسلمين، وآخر هؤلاء مجاهد الدين أيبك وسليمان شاه، إلا أن الخليفة العباسي لم يجد بداً من أن يسمع ويطيع.
لماذا لم يحارب الخليفة العباسي التتار حين رأى الصورة واضحة؟ ماذا سيخسر لو أنه مات مرفوع الرأس أو عاش عزيزاً ملكاً على بلاده، لكن الهزيمة النفسية الداخلية كانت أشد من أن ينتصر عليها الخليفة.
إن أهل بغداد في ذلك الوقت كانوا قد تجاوزوا المليونيين، ولكن كانوا غثاء كغثاء السيل، فقد كان جيش التتار المحاصر لبغداد مائتي ألف فقط، ولو كانت في قلوب المسلمين حمية لقاموا إليهم ولفتكوا بهم بأيديهم لا بسيوفهم ورماحهم، ولكن ماتت أرواح المسلمين قبل أن تموت أجسادهم!