لَوْ قَالَ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَيُطَالِبُهُ بِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَظُنُّهُ الْعَوَامُّ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ بِالْفَارِسِيَّةِ لِآخَرَ " مِنْ فَلَا نرا يذير فتم تراتايك سَالَ " أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي السَّنَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَا يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ قَالَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَظُنُّونَ بَلْ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَزِيدُوا فِي الْكَفَالَةِ فَيَقُولُوا " هركاه كه بخواهي بتوسبارمش " فَحِينَئِذٍ يُطَالِبُهُ فِي السَّنَةِ وَبَعْدَهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ أَنْ يَزِيدَ الْكَفِيلُ فِي كَفَالَتِهِ فَيَقُولُ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى كَذَا مِنْ الْأَجَلِ ثُمَّ لَا كَفَالَةَ لَك بِهِ عَلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَا بَرِيءٌ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ (بَرِئَ بِمَوْتِهِ) أَيْ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ لِحُصُولِ الْعَجْزِ الْكُلِّيِّ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْكَفِيلِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَوَرَثَتُهُ لَمْ يَكْفُلُوا لَهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يَخْلُفُونَهُ فِيمَا لَهُ لَا فِيمَا عَلَيْهِ وَلَا تَبْقَى الْكَفَالَةُ بِاعْتِبَارِ تَرِكَتِهِ لِامْتِنَاعِ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ مِنْ الْمَالِ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ (وَ) بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ أَيْضًا (بِمَوْتِهَا) أَيْ النَّفْسِ الْمَطْلُوبَةِ لِامْتِنَاعِ التَّسْلِيمِ (وَلَوْ) كَانَ النَّفْسُ الْمَكْفُولُ بِهَا (عَبْدَ الْكَفِيلِ) وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فَإِذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ فَإِنَّ هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ مَالٌ مُطَالَبٌ وَكَفَلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُطَالَبُ رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَأَثْبَتَ الْخَصْمُ دَعْوَاهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ (لَا) أَيْ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ (بِمَوْتِ الطَّالِبِ) بَلْ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ.

(وَ) بَرِئَ الْكَفِيلُ أَيْضًا (بِتَسْلِيمِ الْكَفِيلِ أَوْ مَأْمُورِهِ) وَكِيلًا كَانَ أَوْ رَسُولًا (الْمَطْلُوبَ أَوْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَطْلُوبِ (نَفْسَهُ إلَى الطَّالِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِتَسْلِيمِ (حَيْثُ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ) مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا يَعْنِي إذَا سَلَّمَ الْكَفِيلُ مَنْ كَفَلَ بِهِ إلَى الطَّالِبِ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إذَا سَلَّمْته إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ سِجْنٍ حَبَسَهُ فِيهِ غَيْرُ الطَّالِبِ لَمْ يَبْرَأْ (قَائِلًا سَلَّمْته إلَيْك عَنْ) طَرَفِ (الْكَفِيلِ) فِي صُورَةِ تَسْلِيمِ الْمَأْمُورِ (أَوْ سَلَّمْت نَفْسِي عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْكَفِيلِ فِي صُورَةِ تَسْلِيمِ الْمَأْمُورِ نَفْسَهُ قَالَ قَاضِي خَانْ الْمَكْفُولُ بِالنَّفْسِ إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَقَالَ سَلَّمْت نَفْسِي إلَيْك عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْكَفِيلِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْكَفِيلُ رَجُلًا أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الطَّالِبِ إنْ قَالَ الْمَأْمُورُ لِلطَّالِبِ سَلَّمْت إلَيْك نَفْسَهُ عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ (وَفِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ شَرْطٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ الْكَفِيلِ (قَبُولُ الطَّالِبِ) قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بِمَأْمُورٍ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الطَّالِبِ وَقَالَ سَلَّمْت عَنْ الْكَفِيلِ إنْ قَبِلَ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِنْ سَكَتَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ

(كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ (وَلَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ) أَيْ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ يَعْنِي رَجُلٌ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَكَفَلَ آخَرُ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ وَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ صَحِيحٌ لِتَعَامُلِ النَّاسِ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَأْبَاهُ وَبِالتَّعَامُلِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ فِي الْبَيْعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى نَعْلًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخَذُوا بِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَقَالُوا لَا يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ الْأَيَّامُ قَبْلَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ يَصِيرُ كَفِيلًا أَبَدًا وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُطَالَبُ بَعْدَهَا أَشْبَهُ بِعُرْفِ النَّاسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إذَا قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ وَإِذَا مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ لَا يَبْقَى كَفِيلًا وَلَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ كَمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ كَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُعْجِبُهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ ثُمَّ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا يَكُونُ كَفِيلًا أَبَدًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا يَكُونُ طَلَاقًا أَبَدًا اهـ.

وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ شَهْرًا فَإِنَّهُ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ إلَيْهِ مِنْ حِينِ كَفَلَ إلَى أَنْ يَمْضِيَ شَهْرٌ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ أَمَّا لَوْ قَالَ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَيُطَالِبُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَظُنُّهُ الْعَوَامُّ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ تَعْلَمُ وَجْهَ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا جَعَلَهُ مَتْنًا وَأَشَارَ بِحَذْفِ ذِكْرِ الْمُبْتَدَأِ وَاقْتِصَارِهِ عَلَى الْغَايَةِ إلَى مَا قَالَ قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ الْيَوْمِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ وَإِذَا مَضَتْ الْعَشَرَةُ لَا يَبْقَى كَفِيلًا فِي قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ وَقَّتَ الْكَفَالَةِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْكَفَالَةُ مِمَّا يَقْبَلُ التَّوْقِيتَ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015