صَحِيحًا) حَتَّى لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَحُكْمُهَا لُزُومُ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْكَفِيلِ) بِمَا هُوَ عَلَى الْأَصِيلِ نَفْسًا كَانَ أَوْ مَالًا (وَأَهْلُهَا أَهْلُ التَّبَرُّعِ) بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُكَلَّفًا فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَكِنَّ الْعَبْدَ يُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (فَالْمُدَّعِي مَكْفُولٌ لَهُ) إذْ فَائِدَةُ الْكَفَالَةِ تَرْجِعُ إلَيْهِ (وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَكْفُولٌ عَنْهُ) وَيُسَمَّى الْأَصِيلُ أَيْضًا (وَالنَّفْسُ) فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ (أَوْ الْمَالُ) فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ (مَكْفُولٌ بِهِ) فَالْمَكْفُولُ عَنْهُ وَالْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَاحِدٌ (وَمَنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ كَفِيلٌ فَالْكَفَالَةُ إمَّا بِالنَّفْسِ وَإِنْ تَعَدَّدَتَا) أَيْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَالنَّفْسِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثُمَّ كَفِيلًا وَالثَّانِي أَنْ تَتَعَدَّدَ النُّفُوسُ الْمَكْفُولُ بِهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا تَجُوزُ بِالدُّيُونِ الْكَثِيرَةِ (أَوْ بِالْمَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَهُوَ التَّسْلِيمُ
(أَمَّا الْأُولَى) أَيْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ (فَتَصِحُّ بِكَفَلْتُ بِنَفْسِهِ وَبِمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا) أَيْ عَنْ النَّفْسِ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَالْعُنُقِ وَالْجَسَدِ وَالْبَدَنِ كَكَفَلْتُ بِرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ إلَى آخِرِهِ (وَبِجُزْءٍ شَائِعٍ) كَكَفَلْتُ بِنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ.
(وَ) تَصِحُّ أَيْضًا (بِضَمِنْتُهُ وَبِعَلَيَّ) فَإِنَّ عَلَى لِلْإِلْزَامِ فَمَعْنَاهُ أَنَا مُلْتَزِمٌ تَسْلِيمَهُ (وَإِلَيَّ) فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى عَلَى (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) فَإِنَّ الزَّعَامَةَ هِيَ الْكَفَالَةُ (أَوْ قَبِيلٌ) هُوَ بِمَعْنَى الزَّعِيمِ (لَا بِأَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ) لِأَنَّ مُوجَبَ الْكَفَالَةِ الْتِزَامُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ ضَمِنَ الْمَعْرِفَةَ لَا التَّسْلِيمَ (وَاخْتُلِفَ فِي أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(فَإِنْ عَيَّنَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَحْضَرَهُ فِيهِ إذَا طُلِبَ) رِعَايَةً لِمَا الْتَزَمَهُ (كَذَا) أَيْ أَحْضَرَهُ أَيْضًا (إذَا أَطْلَقَ) بِأَنْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إذَا طَلَبْته أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ إنْ طَلَبْته وَنَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ عَمَّمَ) بِأَنْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ كُلَّمَا طَلَبْته أَوْ مَتَى مَا طَلَبْته أُسَلِّمُهُ إلَيْك.
(وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ) لِامْتِنَاعِهِ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ لَازِمٍ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَا يُدْعَى لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِمَاذَا دُعِيَ (وَإِنْ غَابَ) أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ (وَعَلِمَ مَكَانَهُ أَمْهَلَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ الْكَفِيلَ (مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ مَكَانَهُ (لَمْ يُطَالَبْ) أَيْ الْكَفِيلُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَكْفُولِ بِهِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَقَدْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فَصَارَ كَالْمَدْيُونِ إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لَهُ خَرْجَةٌ مَعْرُوفَةٌ يَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لِلتِّجَارَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلطَّالِبِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْجَهْلُ وَمُنْكِرٌ لُزُومَ الْمُطَالَبَةِ (وَإِنْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي سَلَّمَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ يُفْتَى) فِي زَمَانِنَا لِتَهَاوُنِ النَّاسِ فِي إقَامَةِ الْحَقِّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ
(كَفَلَ بِالنَّفْسِ إلَى شَهْرٍ يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَهُ) يَعْنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ حَتَّى لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ كَذَلِكَ لِسُقُوطِهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِبْرَاءٍ وَهُوَ الْمَوْتُ
(قَوْلُهُ لَا بِأَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ) كَذَا أَنَا كَفِيلٌ لِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ وَلَوْ قَالَ مَعْرِفَةُ فُلَانٍ عَلَيَّ قَالُوا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي التَّبْيِينِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلْعُرْفِ أَيْ بِقَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَتِهِ اهـ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ هَذَا عَلَى مُعَامَلَاتِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ) كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ كَمَا فَصَّلَ فِي الْحَبْسِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ قِيلَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ لَا يُعَجِّلُ بِحَبْسِهِ وَأَمَرَهُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الْمُمَاطَلَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ بِأَوَّلِ الْوَهْلَةِ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حَبَسَهُ كَمَا وَجَبَ لِظُهُورِ مَطْلِهِ بِالْإِنْكَارِ فَكَذَا هُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِيضَاحِ هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ عَجْزُهُ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ عَجْزُهُ فَلَا مَعْنًى لِحَبْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفِيلِ فَيُلَازِمُهُ وَيُطَالِبُهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ جَعَلَهُ كَالْمُفْلِسِ بِالدَّيْنِ إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ وَعَلِمَ مَكَانَهُ. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا ارْتَدَّ الْمَكْفُولُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ إنْ لَمْ يَمْنَعُوهُ وَلَا تَسْقُطُ كَفَالَتُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ مَيِّتًا فِي حَقِّ قِسْمَةِ مَالِهِ وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَهُوَ حَيٌّ اهـ.
وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ اهـ.
وَفِيهِ نَوْعُ إشْكَالٍ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ مَيِّتًا فِي حَقِّ قِسْمَةِ مَالِهِ بِالْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَالْكَفِيلُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِيَتَمَكَّنَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ وَهُوَ وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا حَلَّ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ حُكْمًا فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا. . . إلَخْ) .
أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ لِلطَّالِبِ أَمَّا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُؤْمَرُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِحْضَارِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ كَفَلَ بِالنَّفْسِ إلَى شَهْرٍ يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَهُ) أَقُولُ وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ كَفِيلًا قَبْلَهُ وَفِي عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَهُ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ قَالَ وَفِي الطَّلَاقِ يَقَعُ فِي الْحَالِ أَيْضًا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ قَالَ وَذِكْرُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ إلَيْهَا لَا تَأْخِيرِ الْكَفَالَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَهَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا إذَا عَجَّلَ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِهِ وَمَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَرَادَ بِهِ أَنْ يَصِيرَ كَفِيلًا مُطَالَبًا بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ