عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إذَا اشْتَدَّ صَارَ مُسْكِرًا قَذِفَ بِالزَّبَدِ أَوْ لَا وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (كَذَا الطِّلَاءُ وَهُوَ مَاءُ عِنَبٍ طُبِخَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الطِّلَاءُ اسْمٌ لِلْمُثَلَّثِ وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ الطِّلَاءِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ (وَغُلِّظَا) أَيْ الْخَمْرُ وَمَا ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ (نَجَاسَةً) أَمَّا الْخَمْرُ فَلِثُبُوتِهَا بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ حَيْثُ سَمَّاهَا اللَّهُ رِجْسًا وَهُوَ اسْمٌ لِلْحَرَامِ النَّجَسِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي وَوَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ الْمَعْنَى فِيهِ وَأَمَّا مَا ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْخَمْرِ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ.

(وَ) حَرُمَ السُّكْرُ وَهُوَ الَّتِي مِنْ (مَاءِ الرُّطَبِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَبَيَّنَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ (وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ نِيئًا إذَا غَلَتْ) أَيْ الطِّلَاءُ وَالسُّكْرُ وَالنَّقِيعُ (وَاشْتَدَّتْ وَقَذِفَتْ بِالزَّبَدِ) فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا حَصَلَتْ لَهَا هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ وَعِنْدَهُمَا يَكْفِي الِاشْتِدَادُ كَمَا فِي الْخَمْرِ (وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ أَقْوَى) مِنْ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ لِثُبُوتِهَا بِدَلَائِلَ لَا شُبْهَةَ فِيهَا أَصْلًا كَمَا مَرَّ (فَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَمْ يَضْمَنْ مُتْلِفُهَا) إلَّا أَنْ تَكُونَ لِذِمِّيٍّ (وَيُحَدُّ شَارِبُهَا وَلَوْ قَطْرَةً وَشَارِبُ غَيْرِهَا إنْ سَكِرَ)

وَأَمَّا الْخَلَّالُ فَبَيَّنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (وَحَلَّ الْمُثَلَّثُ الْعِنَبِيُّ) وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ (وَإِنْ غَلَى وَاشْتَدَّ وَسَكَنَ) مِنْ الْغَلَيَانِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ سُئِلَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ عَنْهُ فَقَالَ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ فَقِيلَ خَالَفْت أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُمَا يُحِلَّانِ لِاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ وَالنَّاسُ فِي زَمَانِنَا يَشْرَبُونَ لِلْفُجُورِ وَالتَّلَهِّي فَعُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قُصِدَ بِهِ التَّقَوِّي فَأَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التَّلَهِّيَ فَلَا يَحِلُّ اتِّفَاقًا وَاَلَّذِي يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ حَتَّى يَرِقَّ ثُمَّ يُطْبَخَ طَبْخَةً حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُثَلَّثِ لِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا ضَعْفًا بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْعَصِيرِ ثُمَّ يُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَاءَ يَذْهَبُ أَوَّلًا لِلَطَافَتِهِ أَوْ يَذْهَبُ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ الذَّاهِبُ ثُلُثَيْ مَاءِ الْعِنَبِ وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَحَلَّ نَبِيذَا التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مَطْبُوخًا أَدْنَى طَبْخَةٍ وَإِنْ غَلَى وَاشْتَدَّ وَسَكَنَ) مِنْ الْغَلَيَانِ عِنْدَهُمَا.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ حَرَامٌ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْمُثَلَّثِ الْمَذْكُورِ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَ) حَلَّ (الْخَلِيطَانِ) وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَاءِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مَطْبُوخًا أَدْنَى طَبْخَةٍ وَيُتْرَكَ إلَى أَنْ يَغْلِيَ وَيَشْتَدَّ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَحِلُّ إذَا شَرِبَ مَا لَمْ يُسْكِرْ بِلَا لَهْوٍ وَطَرَبٍ وَبَيَّنَ الرَّابِعَ بِقَوْلِهِ.

(وَ) حَلَّ (نَبِيذُ الْعَسَلِ وَالتِّينِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَإِنْ لَمْ يُطْبَخْ) وَهَلْ يُحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ إذَا سَكِرَ مِنْهَا قِيلَ لَا يُحَدُّ قَالُوا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَطْبُوخِ وَالنِّيءِ لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا فِي زَمَانِنَا كَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ فَوْقَ ذَلِكَ وَكَذَا الْمُتَّخَذُ مِنْ الْأَلْبَانِ إذَا اشْتَدَّ (إذَا شُرِبَتْ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ حَلَّ أَيْ حَلَّ هَذِهِ الْأَشْرِبَةُ الْأَرْبَعَةُ إذَا شُرِبَتْ (مَا لَمْ تُسْكِرْ) وَإِذَا أَسْكَرَ وَاحِدٌ مِنْهَا كَانَ الْقَدَحُ الْأَخِيرُ حَرَامًا لِأَنَّهُ الْمُفْسِدُ (بِلَا لَهْوٍ وَطَرَبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ شُرِبَتْ وَهَذَا الْقَيْدُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهَذِهِ الْأَشْرِبَةِ بَلْ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ بِلَهْوٍ وَطَرَبٍ عَلَى هَيْئَةِ الْفَسَقَةِ حَرُمَتْ اعْلَمْ أَنَّ السُّكْرَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَذَا الطِّلَاءُ) كَذَا سَمَّاهُ بِالطِّلَاءِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُسَمَّى الْمُنَصَّفُ عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُسَمَّى الْبَاذَقُ أَيْضًا أَوْ الْمُنَصَّفُ لِذَاهِبِ النِّصْفِ الْبَاذَقُ لِذَاهِبِ مَا دُونه كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِالطِّلَاءِ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا أَشْبَهَ هَذَا بِطِلَاءِ الْبَعِيرِ وَهُوَ الْقَطْرَانُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ الْبَعِيرُ إذَا كَانَ بِهِ جَرَبٌ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ الطِّلَاءُ اسْمٌ لِلْمُثَلَّثِ وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ) لَا وَجْهَ لِتَصْوِيبِهِ لَا حُكْمًا وَلَا تَسْمِيَة أَمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِحُرْمَتِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْكَنْزِ هُوَ الْعَصِيرُ الَّذِي ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَلَا خِلَافَ فِي الطَّرَفَيْنِ وَأَمَّا تَسْمِيَةً فَلِأَنَّ الطِّلَاءَ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا الْعَصِيرُ الَّذِي ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ وَاَلَّذِي ذَهَبَ نِصْفُهُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ ثُلُثُهُ وَيُسَمَّى بِالطِّلَاءِ كُلُّ مَا طُبِخَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ مُطْلَقًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْكَنْزِ وَلَا عَلَى الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي لَا حُكْمًا وَلَا تَسْمِيَةً (قَوْلُهُ وَغُلِّظَا) أَيْ الْخَمْرُ وَمَا ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ نَجَاسَةً، تَغْلِيظُ نَجَاسَةِ الطِّلَاءِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَشَرْحِ الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْخَمْرِ) يَعْنِي حُرْمَةً وَنَجَاسَةً غَلِيظَةً لَا فِي الْحُكْمِ بِكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ وَلَا الْحَدِّ بِشُرْبِ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ مِنْهُ وَيَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَيَصِحُّ بَيْعُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا بَعْدُ وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ أَقْوَى مِنْ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ السُّكْرُ. . . إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ نَجَاسَةِ السُّكْرِ وَنَقِيعَ الزَّبِيبِ وَهِيَ خَفِيفَةٌ فِي رِوَايَةٍ غَلِيظَةٌ فِي أُخْرَى كَمَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ مَطْبُوخًا أَدْنَى طَبْخَةٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ أَنْ يُطْبَخَ إلَى أَنْ يُنْضَحَ

(قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ حَرَامٌ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَأَلْحَقَهَا مُحَمَّدٌ كُلَّهَا بِالْخَمْرِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَبِهِ يُفْتَى وَذَكَرَ أَدِلَّتَهُ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ قِيلَ لَا يُحَدُّ) قَالَهُ فِي الْمَبْسُوطِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015