(لَا شَيْءَ بِعَلَيَّ الْخُرُوجُ أَوْ الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَالْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) لِأَنَّ الْتِزَامَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ
(قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ) الْعَبْدُ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعْتِقُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ التَّضْحِيَةُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ انْتِفَاءُ الْحَجِّ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَلَهُمَا أَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ إذْ لَا مُطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ غَايَتُهُ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ مَحْصُورًا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ كَانَ مِثْلَ الْإِثْبَاتِ
(وَفِي لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّتِهِ) يَعْنِي حَلَفَ بِأَنَّهُ لَا يَصُومُ فَنَوَى الصَّوْمَ وَصَامَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ حَنِثَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ إذْ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ فِي النَّهَارِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ (وَلَوْ ضَمَّ يَوْمًا أَوْ صَوْمًا لَا) يَحْنَثُ (حَتَّى يُتِمَّ يَوْمًا) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّوْمُ التَّامُّ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ بِإِتْمَامِهِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ.
(وَفِي لَا يُصَلِّي) حَنِثَ (بِرَكْعَةٍ لَا بِمَا دُونَهَا) يَعْنِي لَا يَحْنَثُ بِالْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الرُّكُوعِ وَإِنْ سَجَدَ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ قَطَعَ حَنِثَ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالِافْتِتَاحِ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمُخْتَلِفَةِ فَمَا لَمْ يَأْتِ بِكُلِّهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَيَتَكَرَّرُ فِي بَاقِي الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ ضَمَّ صَلَاةً فَبِشَفْعٍ لَا أَقَلَّ) إذْ يُرَادُ بِهَا الصَّلَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ
(وَبِإِنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ كَذَا) يَحْنَثُ (بِوَلَدٍ مَيِّتٍ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا طَلُقَتْ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا لِأَنَّ الْمَوْلُودَ وَلَدٌ حَقِيقَةً، وَيُسَمَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ وَيُعْتَبَرُ وَلَدًا فِي الشَّرْعِ حَتَّى يَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَالدَّمُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ فَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ.
(وَفِي إنْ وَلَدْت) وَلَدًا (فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (حُرٌّ عَتَقَ الْحَيُّ إنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا) عِنْدَهُ وَقَالَا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَحَقَّقَ بِوِلَادَةِ الْمَيِّتِ كَمَا ذَكَرْنَا فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَهُ أَنَّ مُطْلَقَ اسْمِ الْوَلَدِ مُقَيَّدٌ بِوَصْفِ الْحَيَاةِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ إذْ لَوْ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ لَغَا لِأَنَّهُ قَصَدَ إثْبَاتَ الْحُرِّيَّةِ جَزَاءً وَهِيَ لَا تَثْبُتُ فِي الْمَيِّتِ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ وَلَدْت وَلَدًا حَيًّا بِخِلَافِ جَزَاءِ الطَّلَاقِ وَحُرِّيَّةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحْ لِلتَّقْيِيدِ
(وَفِي لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ وَقَضَاهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً أَوْ بَاعَهُ بِهِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ بَرَّ) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ ثُمَّ وَجَدَ فُلَانٌ بَعْضَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الزِّيَافَةَ عَيْبٌ وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ وَلِهَذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ فَوُجِدَ شَرْطُ الْبِرِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ الْمَشْي إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ وَفِي لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ) نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي الْمَاضِي كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَفِي لَا يُصَلِّي بِرَكْعَةٍ) شَامِلٌ لِحِنْثِهِ بِالصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَلَوْ قَيَّدَ بِذَكَرِ الرَّكْعَةِ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدَةِ لِمَا قَالَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صَلَّيْتُ رَكْعَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَا صَلَّى رَكْعَةً لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا نَهْيًا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَوْ فُعِلَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى شَفْعًا اهـ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمَّ صَلَاةً فَبِشَفْعٍ) اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ حِنْثِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ النَّفْلِ وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ الْخَمْسَةُ وَالْقَعْدَةُ رُكْنٌ زَائِدٌ عَلَى مَا تَحَرَّرَ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِلْحَتْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ رُكْنًا فِي حَقِّ الْحِنْثِ وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ حَتَّى يَقْعُدَ كَمَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ) يَعْنِي وَكَذَا يَحْنَثُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ. . . إلَخْ وَلَيْسَتْ الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَالْمُصَنِّفُ شَرَحَ مَتْنَهُ بِعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَمَتْنُهُ أَوْلَى كَالْكَنْزِ وَشَرَحَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ جَزَاءِ الطَّلَاقِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ) الضَّمِيرُ لِلْجَزَاءِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَيْ الْجَزَاءَ وَقَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ لِلتَّقْيِيدِ يَعْنِي لَا يَفْتَقِرُ الْجَزَاءُ لِلتَّقْيِيدِ بِحَيَاةِ الْوَلَدِ لِاسْتِغْنَاءِ الْأُمِّ عَنْ حَيَاتِهِ فَلَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إلَّا الْوِلَادَةَ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ
(قَوْلُهُ وَفِي لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ. . . إلَخْ) كَذَا الْحُكْمُ لَوْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ إنْ لَمْ أَقْبِضْ مَا لِي عَلَيْك الْيَوْمَ أَوْ إنْ لَمْ اسْتَوْفِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ بِهِ شَيْئًا وَقَبَضَهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ الْقَبْضُ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ