وَكَذَا الْبَهْرَجَةُ وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهِ الْبِرُّ الْمُتَحَقِّقُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ مِنْ الدَّائِنِ عَبْدًا بِدَيْنِهِ وَقَبَضَهُ بَرَّ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقَةُ الْمُقَاصَّةِ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِالْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْقَبْضَ لِيَتَقَرَّرَ الْقَضَاءُ بِهِ (وَلَوْ كَانَ) مَا قَضَاهُ (سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا أَوْ وَهَبَهُ) أَيْ الدَّائِنُ الدَّيْنَ (لَهُ) أَيْ لِلْمَدْيُونِ (لَا) أَيْ لَا يَبْرَأُ أَمَّا السَّتُّوقَةُ وَالرَّصَاصُ فَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى لَا يَجُوزُ التَّجَوُّزُ بِهِمَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَأَمَّا الْهِبَةُ فَلِعَدَمِ الْمُقَاصَّةِ
(وَفِي لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقْبِضَ كُلَّهُ مُتَفَرِّقًا غَيْرَ ضَرُورِيٍّ) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقْبِضَ كُلَّهُ مُتَفَرِّقًا لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْكُلِّ بِوَصْفِ التَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْقَبْضَ إلَى دَيْنٍ مُعَرَّفٍ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ فَإِنْ قَبَضَ دَيْنَهُ فِي وَزْنَتَيْنِ لَمْ يَتَشَاغَلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِعَمَلِ الْوَزْنِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْرِيقٍ إذْ قَدْ يَتَعَذَّرُ قَبْضُ الْكُلِّ دَفْعَةً فِي الْعَادَةِ فَيَكُونُ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ (وَلَا فِي إنْ كَانَ لِي الْأَمَانَةُ فَكَذَا وَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا خَمْسِينَ) يَعْنِي إذَا قَالَ إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَكَذَا وَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ عُرْفًا نَفْيُ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ غَيْرُ مِائَةٍ أَوْ سِوَى مِائَةٍ لِأَنَّ كُلَّهَا أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ (وَلَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ (فِي لَا يَشَمُّ رَيْحَانًا إنْ شَمَّ وَرْدًا أَوْ يَاسَمِينًا) لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ وَلَهُمَا سَاقٌ (وَالْبَنَفْسَجُ وَالْوَرْدُ يَقَعُ عَلَى الْوَرَقِ) حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَنَفْسَجًا أَوْ وَرْدًا فَاشْتَرَى وَرَقَهَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنَهُمَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ عَلَى الْوَرَقِ لَا الدُّهْنِ فِي عُرْفِنَا كَذَا فِي الْكَافِي
(بَابُ حَلِفِ الْقَوْلِ) (حَنِثَ فِي لَا يُكَلِّمُهُ إنْ كَلَّمَهُ نَائِمًا فَأَيْقَظَهُ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَأَسْمَعَهُ فَيَحْنَثُ وَلَوْ لَمْ يُوقِظْهُ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَائِمًا وَأَصْغَى إلَيْهِ أُذُنَهُ يَحْنَثُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ (وَ) حَنِثَ (فِي لَا يُكَلِّمُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ أَذِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ فَكَلَّمَهُ) لِأَنَّ الْإِذْنَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْأَذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ أَوْ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْإِذْنِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالسَّمَاعِ.
(وَ) حَنِثَ فِي لَا يُكَلِّمُ (صَاحِبَ هَذَا الثَّوْبِ فَبَاعَهُ فَكَلَّمَهُ) لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِالْبَيْعِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ تَحَقَّقَتْ الْمُقَاصَّةُ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْقَبْضَ لِتَقَرُّرِ الْقَضَاءِ بِهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْقَبْضِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَإِنَّمَا نَصَّ مُحَمَّدٍ عَلَى الْقَبْضِ تَأْكِيدًا لِلْبَيْعِ لِيَتَقَرَّرَ الدَّيْنُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ وَإِنْ وَجَبَ بِالْبَيْعِ لَكِنَّهُ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ لِجَوَازِ أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ اشْتِرَاطُ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا لَا أَنَّهُ شَرَطَ الْبِرَّ اهـ. (قَوْلُهُ لَا أَيْ لَا يَبَرُّ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحِنْثِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَيَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ فِي إعْطَاءِ السَّتُّوقَةِ وَالرَّصَاصِ لِكَوْنِ الْيَمِينِ مُؤَقَّتَةً بِالْيَوْمِ وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ فَكَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتَةِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ إذَا وَهَبَهُ وَكَانَتْ الْيَمِينُ مُقَيَّدَةً وَقَبِلَ الْهِبَةَ وَالْوَقْتُ بَاقٍ لَمْ يَبَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ارْتِفَاعَ النَّقِيضَيْنِ وَهُمَا الْبِرُّ وَالْحِنْثُ لِأَنَّ النَّقِيضَيْنِ اللَّذَيْنِ يَجِبُ صِدْقُ أَحَدِهِمَا دَائِمًا فِي الْأُمُورِ الْحَقِيقِيَّةِ كَوُجُودِ زَيْدٍ وَعَدَمِهِ أَمَّا فِي الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُهُمَا مَا دَامَ السَّبَبُ قَائِمًا فَإِذَا فُرِضَ انْتِفَاؤُهُ انْتَفَى الْحِنْثُ وَالْبِرُّ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ بَلْ فِي الِابْتِدَاءِ وَحِينَ حَلَفَ كَانَ الدَّيْنُ قَائِمًا فَكَانَ تَصَوُّرُ الْبِرِّ ثَابِتًا فَانْعَقَدَتْ ثُمَّ حَنِثَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْيَأْسِ مِنْ الْبِرِّ بِالْهِبَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَبَضَ دَيْنَهُ فِي وَزْنَتَيْنِ) الْمُرَادُ تَعَدُّدُ الْوَزَنَاتِ لَا خُصُوصُ الثِّنْتَيْنِ وَالْحِيلَةُ أَنْ يُبْقِيَ عَلَى الْمَدْيُونِ دِرْهَمًا إذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ (قَوْلُهُ وَلَا فِي إنْ كَانَ لِي الْأَمَانَةُ) فِي جَعْلِهِ مِنْ حَلِفِ الْفِعْلِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ لَا يَشَمُّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالشِّينِ مُضَارِعٌ شَمِمْت الطِّيبَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ الْفَصِيحَةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إنْ شَمَّ وَرْدًا) يَعْنِي قَصْدًا فَلَوْ وَجَدَ رِيحَهُ بِلَا قَصْدٍ وَوَصَلَتْ الرَّائِحَةُ إلَى دِمَاغِهِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْمُغْرِبِ الرَّيْحَانُ كُلُّ مَا طَابَ رِيحُهُ مِنْ النَّبَاتِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا لِسَاقِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَا لِوَرَقِهِ وَقِيلَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ الْبُقُولِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وَقِيلَ اسْمٌ لِمَا لَيْسَ لَهُ شَجَرٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي دِيَارِنَا إهْدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ مُتَعَارَفٌ لِنَوْعٍ وَهُوَ رَيْحَانُ الْحَمَاحِمِ وَأَمَّا كَوْنُ الرَّيْحَانِ التَّرْنَجِيَّ مِنْهُ فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَنَّهُمْ يُلْزِمُونَهُ التَّقْيِيدَ فَيُقَالُ رَيْحَانُ تَرْنَجَ وَعِنْدَمَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الرَّيْحَانِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْحَمَاحِمُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّوْعِ اهـ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي مِصْرَ
[بَابُ حَلِفِ الْقَوْلِ]
(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ) هُوَ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْأَذَانِ) يُرِيدُ بِهِ الِاشْتِقَاقَ الْكَبِيرَ