حُلِيٌّ حَقِيقَةً حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُتَحَلَّى بِهِ عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ التَّحَلِّيَ بِهِ مُنْفَرِدًا مُعْتَادٌ، وَإِنْ تَخَتَّمَ بِخَاتَمِ ذَهَبٍ حَنِثَ لِأَنَّهُ حُلِيٌّ وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ وَإِنْ تَخَتَّمَ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا حَتَّى أُبِيحَ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ

(حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ فَوْقَهُ أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ فَوْقَهُ لَمْ يَحْنَثْ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُ فَقَطَعَ النِّسْبَةَ عَنْ الْأَوَّلِ (وَلَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِبَاسُهُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ جُعِلَ عَلَى الْفِرَاشِ قِرَامٌ أَوْ عَلَى السَّرِيرِ بِسَاطٌ أَوْ حَصِيرٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ (حَنِثَ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ لِبَاسَهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يُعَدُّ حَائِلًا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْقِرَامَ تَبَعٌ لِلْفِرَاشِ فَيُعَدُّ نَائِمًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ عَلَى حَصِيرٍ فَوْقَ السَّرِيرِ جُلُوسٌ عَلَى السَّرِيرِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ مِنْ تَنْكِيرِ سَرِيرٍ كَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ إذْ عَلَى هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ فَوْقَهُ سَرِيرٌ آخَرُ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا فِي الْمُعَيَّنِ بَلْ الصَّوَابُ مَا فِي الْكَافِي مِنْ تَعْرِيفِ السَّرِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(لَا يَفْعَلُهُ يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ) يَعْنِي إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَجَبَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَبَدًا لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ (وَيَفْعَلُهُ) يَقَعُ (عَلَى مَرَّةٍ) لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ (بِعَلَيَّ الْمَشْيُ) يَعْنِي بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ (إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الْكَعْبَةِ) سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (يَجِبُ عَلَيْهِ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا وَدَمٌ إنْ رَكِبَ) وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِالْتِزَامِهِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَا مَقْصُودَةٍ فِي الْأَصْلِ لَكِنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ بِالْأَثَرِ فَإِنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ.

وَفِي الْكَافِي قَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ دِيَارِنَا فَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ التَّحَلِّي بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ مُعْتَادٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ عِقْدَ زَبَرْجَدٍ أَوْ زُمُرُّدٍ غَيْرَ مُرَصَّعٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَتَّمَ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ لَا يَحْنَثُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ خَاتَمَ الْفِضَّةِ إذَا صُبِغَ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ كَانَ ذَا فَصٍّ يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْخَاتَمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَبِسَ سِوَارًا أَوْ خَلْخَالًا أَوْ قِلَادَةً أَوْ قِرْدًا أَوْ دُمْلُوجًا حَنِثَ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَوْ مِنْ فِضَّةٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ فَوْقَهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَائِمًا عَلَى فِرَاشَيْنِ فَلَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ وَلَمْ يَصِرْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ لَيْسَ تَبَعًا لِمِثْلِهِ مُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا نَفْيُهُ فِي الْفِرَاشَيْنِ بَلْ كُلُّ أَصْلٍ بِنَفْسِهِ وَيَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ بِتَعَارُفِ قَوْلِنَا نَامَ عَلَى فِرَاشَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُمَاسَّهُ إلَّا الْأَعْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ قِرَامٌ) هُوَ السِّتْرُ الْمُنَقَّشُ وَالْقَرْمَةُ الْمَحْبِسُ وَهُوَ مَا يَبْسُطُ فَوْقَ الْمِثَالِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ

(قَوْلُهُ وَبِفِعْلِهِ يَقَعُ عَلَى مَرَّةٍ) قَالَ الْكَمَالُ سَوَاءٌ كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ أَوْ نَاسِيًا أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا وَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْفِعْلِ بِمَوْتِ الْحَالِفِ أَوْ فَوَاتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً مِثْلَ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ سَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّهِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ جُنَّ الْحَالِفُ فِي يَوْمِهِ حَنِثَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَحْمَدَ اهـ.

(قَوْلُهُ بِعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ) قَالَ الْكَمَالُ أَيْ إذَا أَرَادَ بِهِ الْكَعْبَةَ وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ الْمَسَاجِدِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ أَوْ الْكَعْبَةُ) كَذَا عَلَى الْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَوْ بِمَكَّةَ بِالْبَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ مَاشِيًا) أَيْ مِنْ بَيْتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لَا مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَإِذَا كَانَ النَّاذِرُ بِمَكَّةَ اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِ الْمَشْيِ حَالَ ذَهَابِهِ إلَى الْعُمْرَةِ إلَى أَنْ يَتَجَاوَزَ الْحَرَمِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ قَالَ الْكَمَالُ وَالْوَجْهُ يَقْتَضِي لُزُومَهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ بَلْدَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَدَمٌ إنْ رَكِبَ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَإِنْ شَاءَ رَكِبَ وَأَرَاقَ دَمًا اهـ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ بِالْأَثَرِ فَإِنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَالَ مُحَمَّد - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ مَاشِيًا حَجَّ وَرَكِبَ وَذَبَحَ شَاةً لِرُكُوبِهِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَلَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ مَاشِيًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَجَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ عَلَيْهِ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً وَهَذَا مُطَابِقٌ وَقَدْ رَوَى شَيْخِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ «أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُحْرِمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ» اهـ.

(قُلْت) الْمُطَابِقُ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ فَالْمُدَّعَى أَعَمُّ وَيَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ التَّخْيِيرِ مَا قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَأَنَّهَا أَيْ أُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ أَيْ الْمَشْيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015