كَانَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِحَالِ وِلَايَةِ الْوَالِي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فَإِنْ أَعْلَمَهُ حَالَ وِلَايَتِهِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ وَبَعْدَمَا عُزِلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِعْلَامُ

(وَالضَّرْبُ وَالْكِسْوَةُ وَالْكَلَامُ وَالدُّخُولُ عَلَيْهِ) مُقَيَّدٌ (بِالْحَيَاةِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ عَلَى ضَرْبِ فُلَانٍ أَوْ كِسْوَتِهِ أَوْ الْكَلَامِ مَعَهُ أَوْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِحَيَاتِهِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَكُونُ بَارًّا لِأَنَّ الضَّرْبَ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُؤْلِمٍ يَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ وَالْإِيلَامُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ وَمَنْ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ يُوضَعُ فِيهِ قَدْرٌ مِنْ الْحَيَاةِ وَكَذَا الْكِسْوَةُ إذْ يُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ فِي الْمَيِّتِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ السِّتْرَ وَكَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِفْهَامُ وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ وَكَذَا الدُّخُولُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ زِيَارَتُهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يُزَارُ قَبْرُهُ لَا هُوَ (لَا الْغُسْلُ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ عَلَى غُسْلِ فُلَانٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَيَاتِهِ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْإِسَالَةُ وَمَعْنَاهُ التَّطْهِيرُ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ (وَالْقَرِيبُ) مُقَيَّدٌ (بِمَا دُونَ الشَّهْرِ فِي لِيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ إلَى قَرِيبٍ فَالشَّهْرُ) وَمَا زَادَ عَلَيْهِ (بَعِيدٌ) وَلِهَذَا يُقَالُ عِنْدَ بُعْدِ الْعَهْدِ مَا لَقِيتُك مُنْذُ شَهْرٍ

(مَدُّ شَعْرِهَا وَخَنْقُهَا وَعَضُّهَا كَضَرْبِهَا) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَمَدَّ شَعْرَهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ عَضَّهَا حَنِثَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُؤْلِمٍ وَقَدْ تَحَقَّقَ الْإِيلَامُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي حَالِ الْمُلَاعَبَةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مُمَازَحَةً لَا ضَرْبًا

(قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك فَهَدْيٌ) أَيْ فَاللِّبَاسُ صَدَقَةٌ يُتَصَدَّقُ بِهَا فِي مَكَّةَ (فَاشْتَرَى) الزَّوْجُ (قُطْنًا فَغَزَلَتْهُ) الْمَرْأَةُ (وَنُسِجَ) وَخِيطَ (وَلَبِسَ) الزَّوْجُ (فَهُوَ) أَيْ اللِّبَاسُ (هَدْيٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ حَتَّى تَغْزِلَهُ مِنْ قُطْنٍ مَلَكَهُ يَوْمَ حَلَفَ لِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافٍ إلَى سَبَبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ اللُّبْسَ وَغَزْلَ الْمَرْأَةِ لَيْسَا مِنْ أَسْبَابِهِ، وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ سَبَبُ مِلْكِهِ وَلِهَذَا يَحْنَثُ إذَا غَزَلَتْ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ وَقْتَ النَّذْرِ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَمْ يُذْكَرْ حَتَّى إذَا ذُكِرَ بِأَنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ وَقَالَ إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك مِنْ قُطْنِي فَهَدْيٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَيْهَا وَقَالَ إنْ لَبِسْت مِنْ غَزْلِك مِنْ قُطْنِك لَمْ يَكُنْ هَدْيًا بِالْإِجْمَاعِ

(عِقْدُ لُؤْلُؤٍ لَمْ يُرَصَّعْ وَخَاتَمُ ذَهَبِ حُلِيٌّ لَا خَاتَمُ فِضَّةٍ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرُ مُرَصَّعٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَبَعْدَ مَا عُزِلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِعْلَامُ) كَذَا لَوْ عَادَ إلَى الْوِلَايَةِ لَا يَعُودُ الْيَمِينُ لِسُقُوطِهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ وَالضَّرْبُ وَالْكِسْوَةُ. . . إلَخْ) الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يُلِذُّ وَيُؤْلِمُ وَيَغُمُّ وَيُسِرُّ يَقَعُ عَلَى الْحَيَاةِ دُونَ الْمَمَاتِ كَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَالْجِمَاعِ وَالْكِسْوَةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ التَّقْبِيلُ إذَا حَلَفَ لَا يُقَبِّلُهَا فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْنَثُ وَقِيلَ إنْ عَقَدَ عَلَى تَقْبِيلِ مُلْتَحٍ يَحْنَثُ أَوْ عَلَى امْرَأَةٍ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ أَيْ التَّقْبِيلُ عَلَى الْوَجْهِ اهـ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(تَنْبِيهٌ) : الْكَلَامُ مِنْ حَلِفِ الْقَوْلِ لَا الْفِعْلِ فَذِكْرُهُ هُنَا اسْتِطْرَادًا (قَوْلُهُ وَالْقَرِيبُ مُقَيَّدٌ بِمَا دُونَ الشَّهْرِ) كَذَا الْعَاجِلُ فَلَا يَحْنَثُ إنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَأَمَّا إنْ نَوَى بِالْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَتَّى لَوْ نَوَى سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ صَحَّتْ وَكَذَا إلَى آخِرِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَأَوَّلُ الشَّهْرِ قَبْلَ مُضِيِّ النِّصْفِ وَغُرَّةُ الشَّهْرِ اللَّيْلَةُ الْأُولَى مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لُغَةً وَالسَّلْخُ لُغَةً مِنْ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ إلَى الْآخَرِ وَعُرْفًا مِنْ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَرَأْسُ الشَّهْرِ وَرَأْسُ الْهِلَالِ وَإِذَا أَهَّلَ الْهِلَالُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَى اللَّيْلَةِ الَّتِي تُهِلُّ وَيَوْمِهَا وَإِنْ نَوَى السَّاعَةَ الَّتِي يُهِلُّ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، وَآخِرُ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَوَّلُ آخِرِهِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَقَرِيبًا مِنْ سَنَةٍ فَهُوَ عَلَى نِصْفِهَا وَإِلَى صَفَرٍ لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ

(قَوْلُهُ مِنْ غَزْلِك) أَيْ مَغْزُولِك (قَوْلُهُ فَهُوَ هَدْيٌ) أَيْ عَلَيْهِ إهْدَاؤُهُ إلَى مَكَّةَ وَقَالَ الْكَمَالُ وَإِنْ نَذَرَ ثَوْبًا جَازَ التَّصَدُّقُ فِي مَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ مَا لَا يُنْقَلُ كَالدَّارِ فَهُوَ نَذْرٌ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ نَذَرَ هَدْيَ شَاةٍ أَوْ بَدَنَةٍ فَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ هُنَاكَ فَلَا يَجْزِيهِ إهْدَاءُ قِيمَتِهِ وَقِيلَ فِي إهْدَاءِ قِيمَتِهِ الشَّاةِ رِوَايَتَانِ فَلَوْ سُرِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ اهـ.

وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى مُفَارَقَتِهِ الصَّدَقَةَ بِمَكَّةَ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْهَدْيِ خَاصٌّ بِمَا يَكُونُ بِمَكَّةَ وَالصَّدَقَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهَا (قَوْلُهُ مِنْ قُطْنٍ مَلَكَهُ يَوْمَ حَلَفَ) يَعْنِي وَقْتَ حَلَفَ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْوَاجِبُ فِي دِيَارِنَا أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَغْزِلُ إلَّا مِنْ كَتَّانِ نَفْسِهَا أَوْ قُطْنِهَا فَلَيْسَ الْغَزْلُ سَبَبًا لِمُلْكِهِ لِلْمَغْزُولِ عَادَةً فَلَا يَسْتَقِيمُ جَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ سَبَبُ مِلْكِهِ. . . إلَخْ) مَعْنَى كَوْنِهِ سَبَبًا كَوْنُهُ كُلَّمَا وَقَعَ ثَبَتَ الْحُكْمُ عَنْهُ وَكَوْنُ الْغَزْلِ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ يَسْتَلْزِمُهُ كَوْنُهُ كُلَّمَا وَقَعَ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الزَّوْجِ فِي الْمَغْزُولِ وَلِهَذَا فَارَقَ مَسْأَلَةَ التَّسَرِّي حَيْثُ لَا يَحْنَثُ فِيهَا بِالشِّرَاءِ بَعْدَ الْحَلِفِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى التَّسَرِّي لَيْسَ إضَافَةً إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ التَّسَرِّي أَثَرًا لَهُ بَلْ هُوَ أَيْ الْمِلْكُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَيْ التَّسَرِّي كَذَا فِي الْفَتْحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015