الْجُمْلَةَ وَالْمَغْلُوبُ تَابِعٌ وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الْأَكْلِ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْأَكْلَ صَادَفَ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودًا وَصَارَ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَعِيرًا أَوْ لَا يَأْكُلُهُ فَاشْتَرَى حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ وَأَكَلَهَا يَحْنَثُ فِي الْأَكْلِ لَا فِي الشِّرَاءِ لِمَا ذُكِرَ (وَحَنِثَ فِي لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا أَوْ وَلَا بُسْرًا بِأَكْلِ مُذَنِّبِ الْبُسْرِ) الْمُذَنِّبُ بِكَسْرِ النُّونِ الَّذِي أَكْثَرُهُ بُسْرٌ وَشَيْءٌ مِنْهُ رُطَبٌ الْمُذَنَّبُ عَكْسُهُ وَإِنَّمَا حَنِثَ لِأَنَّهُ أَكَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً فَيَحْنَثُ (وَ) حَنِثَ (فِي لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ كَبِدٍ أَوْ كَرِشٍ) لِأَنَّ نُشُوءَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الدَّمِ وَالِاخْتِصَاصُ بِاسْمٍ آخَرَ لَا لِلنُّقْصَانِ كَالرَّأْسِ وَالْكُرَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ لَحْمًا وَلَا تُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ اللُّحُومِ (أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ أَوْ إنْسَانٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَحْمٌ حَقِيقَةً.
وَذَكَرَ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي
(وَالْإِدَامُ مَا يُصْبَغُ بِهِ الْخُبْزُ كَالْخَلِّ وَالْمِلْحِ وَالزَّيْتِ لَا اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْجُبْنِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَكُلُّ شَيْءٍ يُصْطَبَغُ بِهِ الْخُبْزُ فَهُوَ إدَامٌ وَمَا لَا فَلَا هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (الْغَدَاءُ الْأَكْلُ مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ إلَى الظُّهْرِ) كَذَا فِي الْعُرْفِ (وَالْعَشَاءُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) لِأَنَّ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ يُسَمَّى عَشَاءً (وَالسُّحُورُ مِنْهُ إلَى الْفَجْرِ) لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ السَّحَرِ فَأُطْلِقَ عَلَى مَا يَقْرَبُ مِنْهُ فَمَنْ حَلَفَ لَا أَتَغَدَّى أَوْ لَا أَتَعَشَّى أَوْ لَا أَتَسَحَّرُ يُرَادُ بِهَا هَذِهِ الْمَعَانِي
(قَالَ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْتُ أَوْ لَبِسْتُ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْعُولًا (وَنَوَى) مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا أَوْ مَلْبُوسًا (مُعَيَّنًا لَمْ يُصَدَّقْ) لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ مَاهِيَّةُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْمَفْعُولِ إلَّا اقْتِضَاءً وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ عِنْدَنَا لِتَصِحَّ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ (أَصْلًا) أَيْ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً (وَلَوْ ضَمَّ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ ثَوْبًا دِينَ) أَيْ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّ اللَّفْظَ حِينَئِذٍ عَامٌّ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يَصْدُقُ قَضَاءً
(إمْكَانُ الْبِرِّ شَرْطُ صِحَّةِ الْحَلِفِ) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَحَنِثَ فِي لَا يَأْكُلُ رُطَبًا. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الذَّنَبِ وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَفِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا قِيلَ إنَّ الْعُرْفَ الْعَمَلِيَّ لَا يُقَيِّدُ اللَّفْظَ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْحَقِيقَةَ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ
حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ) عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ وَعَنْ الْمُحِيطِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَظْهَرُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ (قَوْلُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا تَعَارَفَ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ الْغَدَاءُ) أَيْ التَّغَدِّي لِأَنَّ الْغَدَاءَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ فِي الْوَقْتِ الْخَاصِّ لَا الْأَكْلُ (قَوْلُهُ الْأَكْلُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقَ الْأَكْلِ وَلَا مُطْلَقَ الْمَأْكُولِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْكُولُ مِمَّا يَأْكُلُهُ أَهْلُ بَلَدِهِ حَتَّى لَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ أَوْ أَكَلَ التَّمْرَ أَوْ الْأُرْزَ حَتَّى شَبِعَ لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَ حَضَرِيًّا وَإِنْ كَانَ بَدَوِيًّا حَنِثَ وَلَوْ أَكَلَ أَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ الشِّبَعِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى فِي السُّحُورِ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَكْثَرِ نِصْفِ الشِّبَعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الظُّهْرِ كَذَا فِي الْعُرْفِ) كَذَا فِي التَّجْرِيدِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَقْتُ التَّغَدِّي مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ وَكَذَا قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْأَكْلَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يُسَمُّونَهُ غَدَاءً اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْعَشَاءُ مِنْهُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْخُجَنْدِيُّ والإسبيجابي هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالْعَشَاءُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْحِ
(قَوْلُهُ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت) كَذَا إنْ اغْتَسَلْت أَوْ نَكَحْت أَوْ سَكَنْت دَارَ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ دُونَ امْرَأَةٍ أَوْ بِأَجْرٍ وَلَمْ يَسْبِقْ قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ أَوْ اسْتَعَارَهَا فَأَبَى فَحَلَفَ يَنْوِي السُّكْنَى بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ لَا يَصِحُّ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْمَفْعُولِ إلَّا اقْتِضَاءً) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَفْعُولَ فِي لَا آكُلُ وَأَلْبَسُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضَى وَهُوَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمَفْعُولِ اقْتِصَارًا وَتَنَاسُبًا لِأَنَّ الْمُقْتَضَى مَا يُقَدَّرُ لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مِمَّا يُحْكَمُ بِكَذِبِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِثْلُ رُفِعَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ أَوْ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ شَرْعًا مِثْلُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَلَيْسَ قَوْلُ الْقَائِلِ لَا آكُلُ يُحْكَمُ بِكَذِبِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَلَا مُتَضَمِّنًا حُكْمًا لَا يَصِحُّ شَرْعًا نَعَمْ الْمَفْعُولُ أَعْنِي الْمَأْكُولَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ وُجُودِ فِعْلِ الْآكِلِ وَمِثْلُهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُقْتَضَى وَإِلَّا كَانَ كُلُّ كَلَامٍ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَدْعِيَ مَعْنَاهُ زَمَانًا وَمَكَانًا فَكَانَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ قَوْلِنَا الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ مَرْفُوعَانِ وَبَيْنَ قَامَ زَيْدٌ وَجَلَسَ عَمْرٌو (قَوْلُهُ أَصْلًا) أَيْ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَبِهِ أَخَذَ الْخَصَّافُ وَنَحْنُ نَقُولُ نِيَّةُ غَيْرِ الْمَلْفُوظِ لَا تَصِحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمَّ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ ثَوْبًا دِينَ) هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَنَوَى كُوفِيَّةً أَوْ بَصْرِيَّةً لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الصِّفَةِ، وَلَوْ نَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً صَحَّتْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ إمْكَانُ الْبِرِّ) أَيْ حَقِيقَةً لَا عَادَةً