وَالْمِشْمِشُ لَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ فَاكِهَةٌ.
(وَ) يُرَادُ (بِالشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ الْكَرْعُ) وَهُوَ تَنَاوُلُ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعِهِ بِالْفَمِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ فَشَرِبَ مِنْهَا بِإِنَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَكْرَعَ فِيهَا كَرْعًا خِلَافًا لَهُمَا (لَا بِمِنْ مَائِهِ) أَيْ لَا يُرَادُ بِالشُّرْبِ مِنْ مَاءِ نَهْرِ الْكَرْعُ بَلْ يَحْنَثُ بِالشُّرْبِ مِنْهُ بِإِنَاءٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الِاغْتِرَافِ بَقِيَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ وَهُوَ الشَّرْطُ (لَا يَحْنَثُ فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ بِأَكْلِ رُطَبِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الرُّطَبِ أَوْ اللَّبَنِ بِأَكْلِهِ تَمْرًا أَوْ شِيرَازًا) لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَتَنْعَقِدُ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ أَوْ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَأَكَلَ بَعْدَمَا صَارَ كَبْشًا أَوْ كَلَّمَ بَعْدَ مَا شَاخَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى الْيَمِينِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَنَا بِالتَّحَمُّلِ بِأَخْلَاقِ الْفِتْيَانِ وَمُدَارَةِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الصِّفَةَ فِي الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ إلَّا إذَا كَانَتْ دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرُّطَبِ إذْ رُبَّمَا يَضُرُّهُ الرُّطَبُ لَا التَّمْرُ (وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا يَأْكُلُ بُسْرًا بِأَكْلِ رُطَبٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبُسْرٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ صِفَةَ الْبُسْرَةِ وَصِفَةَ الرُّطَبَةِ وُجِدَتَا ثَمَّةَ فِي الْمُعَيَّنِ وَكَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الصِّفَةُ فِي الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ أَنْ تَكُونَ لَغْوًا لَكِنَّهَا لَمْ تَلْغُ لِكَوْنِ الصِّفَةِ دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ وَهَاهُنَا وُجِدَتْ فِي الْمُنْكِرِ وَالصِّفَةُ فِيهِ مُعْتَبَرَةٌ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِنَا لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ فَأَكَلَهُ رُطَبًا وَبَيْنَ قَوْلِنَا لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ وَالْبُسْرَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ فَإِذَا صَارَ رُطَبًا صَارَ مَاهِيَّةً أُخْرَى كَمَا بَيَّنَّا فِي لَا يَدْخُلُ بَيْتًا مَعَ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى كَلَامِهِ الْمُزَيَّفِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا أَنَّ صِفَةَ الْبُسْرَةِ وَالرُّطَبَةِ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ صِفَةِ الْبُسُورَةِ وَنَحْوِهَا يُنَافِي اعْتِبَارَ كَوْنِ الْبُسْرِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ وَإِنْ كَانَ الْبُسْرُ وَنَحْوُهُ اسْمَ جِنْسٍ فِي الْوَاقِعِ فَتَدَبَّرْ وَاسْتَقِمْ.
(وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا آكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ سَمَكٍ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ لِأَنَّهُ سُمِّيَ فِي الْقُرْآنِ لَحْمًا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مَجَازِيَّةٌ لِأَنَّ اللَّحْمَ مُنْشَؤُهُ مِنْ الدَّمِ وَلَا دَمَ لَهُ لِكَوْنِهِ فِي الْمَاءِ (وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا آكُلُ لَحْمًا أَوْ شَحْمًا بِأَكْلِ أَلْيَةٍ) لِأَنَّهَا نَوْعٌ ثَالِثٌ حَتَّى لَا تُسْتَعْمَلَ اسْتِعْمَالَ اللُّحُومِ وَالشُّحُومِ (وَلَا) يَحْنَثُ (فِي لَا يَشْتَرِي رُطَبًا بِاشْتِرَاءِ كِبَاسَةِ بُسْرٍ فِيهَا رُطَبٌ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُصَادِفُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا الْعِنَبُ وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ فَاكِهَةٌ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ الْمَشَايِخُ قَالُوا هَذَا اخْتِلَافُ زَمَانٍ فَفِي زَمَانِهِ لَمْ يَعُدُّوهَا مِنْ الْفَوَاكِهِ فَأَفْتَى عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ وَفِي زَمَانِهِمَا عُدَّتْ مِنْهُمَا فَأَفْتَيَا بِهِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْعُرْفِ فَمَا يُؤْكَلُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَكُّهِ عَادَةً وَيُعَدُّ فَاكِهَةً فِي الْعُرْفِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَمِينِ وَمَا لَا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُرَادُ بِالشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ الْكَرْعُ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى بِإِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَمِلَ بِهِ وَقَيَّدَ بِالنَّهْرِ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْبِئْرِ وَلَيْسَتْ مَلْآنَةً فَتَكَلَّفَ الْكَرْعَ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ بَلْ بِالِاغْتِرَافِ مِنْهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ أَوْ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْحَقِيقَةَ قَيْدًا لِيَمِينِهِ فِيهِمَا وَإِنْ نَوَاهَا تَقَيَّدَتْ بِهَا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَالظَّاهِرُ لَا يُخَالِفُهُ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا الشَّابَّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ الصَّبِيُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَكَذَا الْغُلَامُ فَإِذَا بَلَغَ فَهُوَ شَابٌّ وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فَهُوَ كَهْلٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ شَيْخٌ إلَى خَمْسِينَ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافَ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى الْيَمِينِ) قَالَ الْكَمَالُ فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَمَلَ لَيْسَ مَحْمُودًا فِي الضَّأْنِ لِكَثْرَةِ رُطُوبَاتِهِ زِيَادَةً حَتَّى قِيلَ فِيهِ النَّحِسُ بَيْنَ الْجَيِّدَيْنِ بِخِلَافِهِ كَبْشًا فَإِنَّ لَحْمَهُ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ قُوَّةً وَتَقْوِيَةً لِلْبَدَنِ لِقِلَّةِ رُطُوبَاتِهِ فَصَارَ كَالْحَلِفِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الرُّطَبِ فَأَكَلَهُ تَمْرًا لَا يَحْنَثُ وَاعْلَمْ أَنَّ إيرَادَ مِثْلِ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ لَا أُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ ذُهُولٌ عَنْ وَضْعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنِسْيَانُ أَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى الْعُرْفِ فَيُصْرَفُ اللَّفْظُ إلَى الْمُعْتَادِ فِي الْعَمَلِ وَالْعُرْفِ فِي الْقَوْلِ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَوْ أَرَادَ مَعْنًى تَصِحُّ إرَادَتُهُ مِنْ اللَّفْظِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِتَحَمُّلِ أَخْلَاقِ الْفِتْيَانِ وَمُدَارَاةِ الصِّبْيَانِ فَلَا يَنْفِي كَوْنَ حَالِفٍ مِنْ النَّاسِ عَرَفَ عَدَمَ طِيبِ الْحَمَلِ وَسَوَاءٌ أَدَبُ صَبِيٍّ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْدَعُهُ إلَّا تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَهُ أَوْ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهُ يَضُرُّهُ فِي عِرْضِهِ أَوْ دِينِهِ فَتُصْرَفُ يَمِينُهُ حَيْثُ صَرَفَهَا فَلَا يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ مَعَهُ بَعْدَ فَوَاتِ تِلْكَ الصِّفَةِ الَّتِي أَرَادَهَا
(قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا آكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ سَمَكٍ) أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَأَمَّا إذَا نَوَاهُ فَأَكَلَ سَمَكًا طَرِيًّا أَوْ غَيْرَ طَرِيٍّ حَنِثَ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ) رُوِيَ شَاذًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالْأَلْيَةِ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ مِنْ الدَّمِ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَنَمْنَعُ أَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ بِاعْتِبَارِ الِانْعِقَادِ مِنْ الدَّمِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الِالْتِحَامِ فَالتَّمَسُّكُ لِأَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا هُوَ بِالْعُرْفِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ كِبَاسَةِ) بِكَسْرِ الْكَافِ عُنْقُودُ النَّخْلِ وَالْجَمْعُ كَبَائِسُ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُصَادِفُ الْجُمْلَةَ وَالْمَغْلُوبُ تَابِعٌ) يُخَالِفُهُ مَا نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي أَلْيَةً فَاشْتَرَى شَاةً مَذْبُوحَةً كَانَ حَانِثًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رَأْسًا اهـ