يَسْتَغْرِقْ دَيْنَهُ وَنَوَاهُ) يَعْنِي إنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ لِزَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنْ نَوَى بِدَابَّةِ زَيْدٍ دَابَّتَهُ الْخَاصَّةَ لَهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَوَى دَابَّةً هِيَ مِلْكُ زَيْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ خَاصَّةً لَهُ أَوْ كَانَتْ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا إذَا نَوَاهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ

(يُرَادُ بِالْأَكْلِ مِنْ الشَّجَرِ ثَمَرُهُ) يَعْنِي إذَا قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الشَّجَرِ يُرَادُ بِهِ ثَمَرُهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ مَهْجُورٌ حِسًّا.

(وَ) يُرَادُ (بِهَذَا الْبُرِّ قَضْمُهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ اللَّفْظَ إذَا كَانَ لَهُ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ وَمَعْنًى مَجَازِيٌّ مُتَعَارَفٌ فَأَبُو حَنِيفَةَ يُرَجِّحُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَهُمَا الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ فَالْمُرَادُ عِنْدَهُمَا أَكْلُ بَاطِنِهِ مَجَازٌ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِعُمُومِ الْمَجَازِ.

(وَ) يُرَادُ (بِهَذَا الدَّقِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ) لِأَنَّ عَيْنَهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ عَادَةً فَانْصَرَفَ إلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ خُبْزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الْوِقَايَةِ بِأَكْلِ خُبْزِهِ أَقُولُ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْبَاءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَقَيَّدَ وَإِذَا قَيَّدَ بِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ غَيْرَهُ وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ وَلَا يُصَحِّحُهُ قَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَيْ بِأَكْلِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ وَنَحْوِهِ بَلْ يَظْهَرُ فَسَادُهُ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِمُعَيَّنٍ يَجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْإِطْلَاقُ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّفْسِيرُ بِهِ فَتَدَبَّرْ وَاسْتَقِمْ. .

(وَ) يُرَادُ (بِالشِّوَاءِ اللَّحْمُ) لَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْجَزَرُ (وَبِالطَّبِيخِ طَبِيخُ اللَّحْمِ وَبِالرَّأْسِ رَأْسٌ يُكْبَسُ فِي التَّنَانِيرِ وَيُبَاعُ فِي مِصْرِهِ) لِأَنَّهَا الْمُتَعَارَفَةُ (وَبِالشَّحْمِ شَحْمُ الْبَطْنِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَتَنَاوَلُ شَحْمَ الظَّهْرِ أَيْضًا (أَوْ بِالْخُبْزِ مَا اعْتَادَهُ فِي بَلَدِهِ) وَالْمُعْتَادُ فِي أَكْثَرِ الْبُلْدَانِ خُبْزُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا خُبْزُ الْأُرْزِ وَالذُّرَةِ مُعْتَادٌ أَيْضًا (وَبِالْفَاكِهَةِ التُّفَّاحُ وَالْبِطِّيخُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَبِيدِ مَأْذُونِهِ فِي حُكْمِ حَرَّرْت عَبِيدِي

(قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) سَوَاءٌ فِيهِ مَا إذَا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِي كَسْبِ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقِ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ مُكَاتَبِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ مُضَافًا إلَى الْمَوْلَى لَا ذَاتًا وَلَا يَدًا كَذَا فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ يُرَادُ بِالْأَكْلِ مِنْ الشَّجَرِ ثَمَرُهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَ لِأَكْلِ عَيْنِ الشَّجَرَةِ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَمَا يُرَادُ ثَمَرُ الشَّجَرِ يُرَادُ جُمَّارُهُ وَطَلْعُهُ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا تَغَيُّرٍ بِصُنْعٍ جَدِيدٍ فَلَا يَحْنَثُ بِالنَّبِيذِ وَالْخَلِّ وَالنَّاطِفِ وَالدِّبْسِ الْمَطْبُوخِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الْمَطْبُوخِ وَهُوَ مَا يَسِيلُ بِنَفْسِهِ مِنْ الرُّطَبِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَحْنَثُ بِدِبْسِهِ وَالْمُرَادُ عَصِيرُهُ ثُمَّ هَذَا إذَا كَانَ لِلشَّجَرِ ثَمَرٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى عَيْنَهَا لَا يَحْنَثُ بِثَمَرِهَا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا ثَمَرَ لَهَا انْعَقَدَتْ عَلَى ثَمَنِهَا فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا كَذَا فِي الْفَتْحِ زَادَ فِي الْبَحْرِ وَأَكَلَهُ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ يُرَادُ بِالْأَكْلِ الْإِنْفَاقُ فِي أَيِّ شَيْءٍ فَيَحْنَثُ بِهِ إذَا نَوَى فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الْبُرِّ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِمَّا يُؤْكَلُ عَيْنُهُ تَقَيَّدَ بِهِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ حَنِثَ بِاللَّحْمِ خَاصَّةً وَلَا يَحْنَثُ بِاللَّبَنِ وَالزُّبْدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ قَضَمَهُ) أَيْ أَكَلَهُ لِأَنَّ الْقَضْمَ الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ بِهِ وَقَضِمَ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْحِنْطَةِ مُعَيَّنَةً لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُ الْإِمَامِ كَجَوَابِهِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إيرَادِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ يَعُمُّ الْمُعَيَّنَةَ وَالْمُنْكَرَةَ وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهَا مَأْكُولَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْنَثُ بِقَضْمِهِ عِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازًا عَنْ رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا إذَا قَضَمَهَا وَصَحَّحَهَا فِي الذَّخِيرَةِ وَرَجَّحَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ رِوَايَةَ الْجَامِعِ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي الْخُبْزِ يَحْنَثُ أَيْضًا أَيْ عِنْدَهُمَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْقَضْمِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بَلْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ وَيُرَادُ بِهَذَا الدَّقِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَفَّ الدَّقِيقَ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْجَزَرُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى مَا يُشْوَى عَمِلَ بِهِ كَالْبِيضِ وَالْفُولِ الْأَخْضَرِ الَّذِي يُسَمَّى فِي عُرْفِنَا شَوِيَّ الْعَرَبِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَبِالطَّبِيخِ طَبِيخُ اللَّحْمِ) يَعْنِي مَا لَمْ يَنْوِ الْعُمُومَ فَإِنْ نَوَى عَمِلَ بِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ إنَّ مَا يُتَّخَذُ فَلَيَّةً مِنْ اللَّحْمِ لَا يُسَمَّى طَبِيخًا وَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَهَذَا أَيْ التَّقْيِيدُ بِطَبِيخِ اللَّحْمِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْأُرْزِ الْمَطْبُوخِ بِلَا لَحْمٍ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ يَحْنَثُ بِالْأُرْزِ إذَا طُبِخَ بِوَدَكٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى طَبِيخًا بِخِلَافِ مَا لَوْ طُبِخَ بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مُزْوَرَّةً قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ وَمَا يُطْبَخُ مِنْ الْأَدْهَانِ يُسَمَّى مُزَوَّرَةً اهـ.

وَفِي الْبُرْهَانِ الْعُرْفُ الظَّاهِرُ أَصْلٌ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ اهـ وَالْعُرْفُ الْآنَ إطْلَاقُ الطَّبِيخِ عَلَى مَا يُطْبَخُ نَحْوِ الْعَدَسِ فِيهِ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا الْمُتَعَارَفَةُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لِاخْتِلَافِ الْعَصْرِ وَالزَّمَانِ وَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَقَعَ فِيهِ الْحَلِفُ كَمَا فِي الْفَتْحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015